بتدخل الغرب الأوروبي والأمريكي، وآخر التحالفات التدخل الألماني، في معركة البحر الأحمر، لإنقاذ العدو الصهيوني، بات معلوماً وملموساً لكل ذي عقل سليم وسوي أن كيان العدو الصهيوني يستخدم العالم كله لمواجهة اليمن وحربه وحصاره وتجويعه. لذلك، من المفيد لنا، نحن اليمنيين، حين نتحدث عن ألعاب الصهيونية ضدنا أو نستمع إلى حديث عنها، حين نواجهها أو تواجهنا، أن نعرف ونحدد المستوى الصهيوني الذي يدور عليه الحديث عنا معها أو تجري عليه المواجهة معنا. أعني أن هذه المعرفة بمستويات ألعاب الصهيونية ضد اليمن، والاستفادة منها مسألة حياة أو موت ومسألة بقاء ووجود بالنسبة إلينا، بحيث أن أي خلط أو خطأ، أي جهل أو تجاهل لمستويات ألعاب الصهيونية، قد يؤدي (في صراعنا معها) إلى هزيمتنا هزيمة لا نعرف كيف وقعت.
لندرك في البداية أن تكوين الصهيونية العالمية كان نظرية، وأصبحت استراتيجية بالعناصر الثلاثة لكل استراتيجية (التنظيم، الخطة، الهدف)، ثم أصبحت الصهيونية مواقف وحركة ومعارك تكتيكية، ولا يعني قولنا إن الصهيونية كانت ثم أصبحت، أنها قد انتقلت من مرحلة انقضت إلى مرحلة جديدة، بل يعني أنها قد نمت وكبرت، وأضيف إلى مضمونها الفكري مضمون استراتيجي ثم مضامين تكتيكية، فهي نظرية على المستوى الفكري، وهي تنظيم ذو خطط وأهداف محددة على المستوى الاستراتيجي، وهي حركة تحالفات جزئية أو مرحلية، أمنية أو عسكرية، فكرية أو عملية، فردية أو جماعية، على المستوى التكتيكي، وكلها في الأخير صهيونية.
لمواجهة هذه التحالفات الصهيونية يمثل المستوى التكتيكي الأول لنا هو عدم القبول بتجزئة المعركة مع كافة تحالفات الصهيونية، وتحويل الصراع معهم إلى معركة ميدانية مرنة تتجلى فيها كفاءة المقاتلين المواجهين لهذه التحالفات، ليس في القتال العسكري المباشر فقط، وإنما في المقدرة على مواجهة المواقف الطارئة، والملائمة بين حركات مواجهي التحالفات الصهيونية وحركات القوى المضادة الداخلية لهم. وهنا تتوقف المقدرة إلى حد كبير على الإدراك الثابت للتناقض بين الخطط الاستراتيجية حتى يستطيع كل مقاتل أو مشترك في الصراع ضد تحالفات الصهيونية أن يطور أساليبه التكتيكية المخيفة وبأقصى قدر من المرونة، حتى لا تستغل القوى الداخلية المضادة له وتنقل أساليبه التكتيكية من مجال خدمة استراتيجيته إلى مجال خدمة استراتيجية تحالفات العدو الصهيوني، فيكون قد هزم نفسه.
أعلم أن حديثي هنا لن يفهمه الكثير، وسيعتبره الكثير فلسفة بايخة، وتنظيرا إنشائيا، ولكن سأقدمه لكم ولو حتى من باب أن يعرف عدونا الصهيوني أننا نعرف كيف نواجهه، لأن أفدح الهزائم وأكثرها تدميرا هي التي لا يعرف المهزوم فيها كيف وقعت، وهذا يعني أنه لا يمكن حصر المواقف والأساليب والمراحل التكتيكية التي تترجم الخطط الاستراتيجية لمواجهة ألعاب الصهيونية العالمية ضدنا كيمنيين، ذلك لأنه على المستوى التكتيكي تدور المعارك الفعلية وتتعدد الأطراف المشتركة بالمعركة بحيث لا يستطيع أي طرف أن ينفرد باتخاذ موقف تكتيكي غير متأثر بالموقف المضاد، ولا أن يستعمل سلاحه بعيدا عن قياس قوته على قوة الأسلحة التي يواجهها.
* نقلا عن : لا ميديا