بات واضحا أن أمريكا بدأت تفهم جيدا استمرار متتالية الرد اليمني عليها وعلى «إسرائيل» في عقر دارها ومنع عبور سفنهم من باب المندب والبحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن والمحيط الهندي، وأن التدخل الأمريكي لحماية السفن الصهيونية أكبر كذبة، وأن ذلك التدخل لن يؤدي إلى كسر اليمن أو المقاومة في فلسطين المحتلة وإخراجها من ميدان المعركة، بل سيؤدي إلى خروج أمريكي مُذل من المنطقة برمتها، كما خرجت قبل ذلك من فيتنام والصومال ولبنان وأفغانستان والعراق، وبالتالي فإن أي محاولة أمريكية أو بريطانية لاستدراج اليمن في حرب لعسكرة البحر الأحمر فإن ذلك يعني إدخال المنطقة العربية كلها في حرب عامة، هدفها هو تصفية دول المقاومة وإنهاء القضية الفلسطينية ومحور المقاومة، وهذا بالتأكيد ما حذر منه السيد القائد الذي أعلن دخول اليمن المرحلة الرابعة في صراعها مع أمريكا و»إسرائيل» وبريطانيا. والمرحلة الرابعة قد يتبعها ذهاب اليمن إلى إشعال كل براميل النار والغضب ضد كل أمريكا و«إسرائيل» وحلفائهما، وستأكل نارها العالم بأسره، وأولها صنيعة الأمريكان العبرية «إسرائيل» وربيباتها الخليجية والعربية.
حديث السيد القائد، وهو سيد القول والفعل، يؤكد أن هناك تحولات تاريخية في موازين القوى الدولية، تطيح بالولايات المتحدة و«إسرائيل» انتصارا لمحور المقاومة، وكل هذا يحدث تدريجيا، والرمال تتحرك من تحت أقدام أمريكا و«إسرائيل»، شاؤوا أم أبوا، ومع هذا لا يزال بعض الأعراب يعاني ليل نهار من نقص أخلاقي وقيمي، ولا يقدر أن يواجه الطواغيت الأمريكية والغربية بكلمة.
والخلاصة اليوم، والوعي اليوم، هو إن لم نتسلح بالولاء الإيماني لهويتنا الإيمانية اليمنية التي كسرت كل قواعد الاشتباك مع الصهاينة والأمريكان وأذلتهم، فكل معاركنا خاسرة. إنه عصر الهويات المؤمنة التي لن تقبل بأي خروج عن قوانينها المرتبطة بسنن الله، ومهما حاولنا فلا نصر بعد اليوم إلا بالانصياع للهوية الإيمانية التي توحد المعركة. الوعي اليوم ألا نقبل أحدا إلا بأخلاق وقيم وأعراف وتقاليد الهوية الإيمانية التي لا تجزئ معركة محور المقاومة في فلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن وإيران.
الوعي اليوم أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة صمدت وانتصرت بثباتها وبكل متتاليات الرد من محور المقاومة، وعلى رأسها استمرار متتالية الرد اليمني في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن والمحيط الهندي، ولم تطلب عونا من أحد، ولم تستجدِ دعما سياسيا ولا ماديا من أحد، وخروج شعبي أسبوعي مليوني داعم ومساند لموقف القيادة اليمنية ولعمليات الجيش اليمني وللشعب الفلسطيني.
ومع ذلك فإن فاقدي الهمة والنخوة والضمير، كما تفعل أنظمة التطبيع الصهيونية العربية وأحزاب الإسلام السياسي الإخوانية، يعيبون على اليمن رد فعله على العدوان الصهيوني، بل وإن من الأشياء المستفزة والحقيرة أن يتهم البعض -من الغافلين أو من المتنمرين الخونة- المقاومة الفلسطينية، بالمتاجرة بالدم الفلسطيني، بينما هذه المقاومة لم تطلب ثمنا لشهدائها ولم تخض مع الخائضين وحل المساومات ولم تبادل الشتائم من اتهمها.
اليوم إما أن تكون مع محور المقاومة بلا شروط، وإما أن تكون مع الكيان الصهيوني الغاصب، ولا ثالث لهذين الأمرين. وهذا التقييم الآن هو أحد أهم نتائج استمرار متتالية الرد اليمني على أمريكا و«إسرائيل».