تقرير مارش الحسام / لا ميديا -
"قاطعوا المنتجات الأمريكية والإسرائيلية" ثاني اثنين من الشعارات التي لازمت المسيرة القرآنية منذ فجر انطلاقتها كصرخة فردية (في جرف سلمان) مشحونة برمزية الرفض لكل ما هو صهيوأمريكي، رافعتة شعار البراءة من أعداء الله المقترن بتوأمة سيامية مع خطاب المقاطعة للمنتجات الأمريكية و"الإسرائيلية"، هذا الخطاب لا يعني بمفهومه السطحي المقاطعة من أجل المقاطعة، بقدر ما يعني الاستقلالية الغذائية ومقاطعة منتجات الأعداء والسعي لتحيقيق الاكتفاء الذاتي كترجمة فعلية لشعار الصرخة الرافضة للهيمنة الصهيوأمريكية بكل أشكالها العسكرية والاقتصادية والسياسية.
نضوج المقاطعة
مما لا شك فيه أن خطاب المقاطعة قد نضج بما يكفي في اليمن، ولم يعد يدخل فقط من باب الولاء للقضية الفلسطينية وإنما بات يدخل من أبواب متفرقة، وصار يعتبره كثيرون فيصلا بين الحق والباطل، خصوصا بعد العدوان الثلاثي على اليمن.
قوائم طويلة وغياب المنتج اليمني
حملة مقاطعة صارمة تشهدها صنعاء كغيرها من المحافظات الواقعة في جغرافيا السيادة الوطنية أينما يممت وجهك فثمة ملصقات ولوحات إعلانية مختلفة الأحجام ترشد للمواطنين إلى منتجات الشركات المخضبة بدماء وأشلاء أطفال فلسطين والتي يجب مقاطعتها، وكتب بجانبها عبارات صارمة تقول إحداها "هل قتلت اليوم فلسطينيا؟ إنهم يقتلوننا بأموالكم، لا تدفع ثمن رصاصاتهم".
وبالمقابل فإن الامتناع عن استهلاك منتجات الأعداء يجب أن ينعكس وبشكل إيجابي على الصناعات المحلية، وبجانب تلك القوائم الطويلة من المنتجات التي يجب مقاطعتها، كنا نتمنى مزيدا من اللافتات لمنتجات أخرى تضع بكل فخر عبارة "صنع في اليمن"، مع أن الكرة الآن أصبحت في ملعب المنتج اليمني لتعويض تلك المنتجات الداعمة للكيان، إلا أن مصادر تؤكد لصحيفة "لا" أن عددا من المنتجات المشمولة في قوائم المقاطعة شرعت في العودة تدريجيا لاكتساح الأسواق اليمنية بهويات مزورة نتيجة غياب المنتج المحلي لمنافستها، وهو ذات السبب الذي دفع إحدى الشركات التابعة للكيان للبحث عن وساطة برلمانية لإسقاط منتجاتها من القائمة السوداء الصادرة عن وزارة الصناعة بصنعاء.
كساد ورصيف
"لا" في جولة استطلاعية للأسواق اليمنية، رصدت أن المنتجات التي شملتها قوائم المقاطعة تعاني من كساد وتملأ بعض أرصفة المتاجر ورغم التخفيضات الكبيرة المسجلة عليها لا تجد من يلتفت إليها، وأخرى لا وجود لها في المحلات التجارية، فيما بعض المنتجات التى تحاول الشركات التخلص منها قبل أن تتلف وخصصوصا الأغذية والمشروبات اتخذت طريقها للأرصفة لتعرض نفسها على المارة بثمن بخس، ولعل أبرزها المشروبات الغازية كعائلتي "كوكا كولا" و"بيبسي" اللنين كانتا رائجتين في الأسواق اليمنية وأصبحت منتجاتهما مكدسة على الأرصفة بعد أن خدعونا بها لسنوات أنها لا مثيل لها، ومثلت المقاطعة لها صحوة شعبية لم تحسن استغلالها شركات المشروبات الغازية المحلية، وفق الخبير الاقتصادي رشيد الحداد.
الغزو بهويات مزيفة
يرى خبير الاقتصاد رشيد الحداد، أن المنتجات "الإسرائيلية" التي كانت تباع في الأسواق اليمنية، سواء تلك التي تحمل ماركات عالمية كـ"كوكا كولا" أو تلك التي تنتحل هويات أخرى، كانت منافسة في السوق وتحظى بشعبية نظرا لحجم الدعاية والتسويق الكبيرين لها كالمشروبات الغازية.
وأضاف: "بعد مقاطعة هذه المشروبات وحظر استيرادها كان يفترض أن يسهم في إنعاش المشروبات الغازية المحلية لتعويض تلك المشمولة بالمقاطعة وهو ما لم يحدث، وعلى مدى الفترة الماضية لاحظت عدم وجود تفاعل كبير من قبل مصانع المشروبات الغازية المحلية التي لم توفر البديل بعبوات وأنواع مختلفة، تبدو أنها معامل متواضعة بعيدة عن المنافسة وهناك تقصير حكومي في هذا الجانب".
ويتابع الحداد: "لذلك وعبر صحيفة "لا" أدعو وزارة الصناعة إلى استغلال هذه الفرصة لوضع خطط قابلة للتنفيذ في ما يتعلق بإنعاش الإنتاج المحلي ليحل محل تلك المشمولة بالمقاطعة، وتنظم مؤتمر استثمار محلي وتعلن عن فرص استثمارية وتقديم تسهيلات وإعفاءات للشركات ورؤوس الأموال".
مقاطعة من أجل المقاطعة
شرعت "حكومة الإنقاذ" بصنعاء بحظر دخول 99 سلعة وبضاعة أمريكية وشركات داعمة لـ"إسرائيل"، وشطبت 354 وكالة وأغلقت 12 شركة و23 فرعاً لشركات وبيوت تجارية و3227 علامة تجارية أمريكية وداعمة لـ"إسرائيل".
بموجب القرار تم منع أي نشاط وكذا منع دخول أي منتجات وأصناف العلامات التجارية الداعمة للكيان الصهيوني إلى السوق اليمني، كل ذلك دون إيجاد معالجات لتعويضها محليا أو وضع خطط قابلة للتنفيذ لإنعاش الإنتاج المحلي، وتوجيه الصناعات الغذائية نحو توفير البدائل للمنتجات التى تم حظرها لعلاقتها بـ"إسرائيل"، ليغدو معها قرار وزارة الصناعة على أنه مقاطعة من أجل المقاطعة فقط.
عزوف والتفاف على المقاطعة
صلاح غيثان، تاجر، يقول إن "هناك عزوفا كبيرا عن شراء المنتجات المصنفة بتبعيتها لإسرائيل، وأن عددا من تلك المنتجات اختفت من الأسواق تماما، بعد قرار وزارة الصناعة بمنع دخولها اليمن وحظر تسويقها".
ولفت الى أن هذا القرار كان يفترض أن يعقبه قرار آخر يهدف لدعم وتطوير الصناعات المحلية كبدائل لتلك التي يجب مقاطعتها.
وأكد غيثان أن عددا من الشركات التي تم حظر دخول منتجاتها إلى اليمن، بدأت تعود تدريجا للهيمنة على الأسواق اليمنية بمسميات أخرى، بسب غياب المنتج المحلي المنافس لها وخصوصا المشروبات الغازية.
"بيبسي" تغير جلدها
تاجر جملة آخر اشترط عدم الكشف عن اسمه، أكد هو الآخر أن عددا من الشركات المحظور دخول منتجاتها إلى اليمن بدأت تعود بأسماء أخرى لعدم وجود البديل المحلى، وقال إن "المشروبات الغازية مثل كوكا كولا وبيبسي وشاني وغيرها والتي كانت تحظى بشعبية كبيرة، بدأت تعود بأسماء مختلفة، بعد حظر استيرادها أو تسويقها داخل اليمن".
وأضاف: "أغلب هذه المشروبات المعروفة بتبعيتها لإسرائيل كانت تصنعها شركة العيسائي في السعودية والتى تملك فرعا لمصنع بيبسي، وبعد المقاطعة شرعت ذات الشركة السعودية بإنتاج مشروبات غازية جديدة واستحدثت لها أسماء جديدة ولا يستبعد أن تكون التفافا على المقاطعة كون تلك المشروبات التي لم نسمع بها من قبل باتت تدخل اليمن بصورة رسمية ومصدرها شركة العيسائي التي يبدو أنها باتت تسوق منتجاتها الإسرائيلية بأسماء جديدة".
اختراق السوق اليمني أولوية الكيان
وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الاقتصادي الحداد وفي سياق حديثه لصحيفة "لا" أن الكيان الصهيوني نجح على مدى سنوات في اختراق السوق اليمني بمنتجاته ذات الهويات المزيفة.
ويضيف أن اختراق السوق اليمني لطالما كان من أولويات الكيان لاستهدافه باعتباره بلدا مستهلكا بنسبة 95%، لذا عمد الكيان لاختراقه بمنتجاته التي تحمل هويات دول كاليونان وتركيا والأردن.
ضوء حكومي لمبيدات "إسرائيلية"
كما أشار الحداد إلى أن هناك منتجات كارثية على الحرث والنسل ومعروفة بتبعيتها لـ"إسرائيل" ومازالت تتدفق إلى اليمن بضوء أخضر حكومي. مضيفا: "معظم المبيدات الزراعية الإسرائيلية القاتلة والفتاكة بالأرض والإنسان، مازالت تدخل إلى اليمن فيما تدعي الجهات الحكومية أنها أردنية، فيما هي بالحقيقة إسرائيلية وتصنع في مصانع على الحدود الأردنية".
"نستلة" تلجأ إلى شخصية من العيار الثقيل
شركة "نستلة" تعد واحدة من الشركات الداعمة للكيان التي كانت منتجاتها رائدة في السوق اليمنية، وأصبحت بضاعتها مكدسة في رفوف المتاجر، لجأت هذه الشركة لشخصيات من العيار الثقيل لشطب منتجاتها من القائمة السوداء لوزارة الصناعة بصنعاء، والتي تقول إنها رفضت ضغوطا باستثناء منتجات شركة "نستلة" من قرارات المقاطعة الصادرة عن الوزارة بشأن حظر المنتجات الأمريكية ومنتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني.
ولفتت الى أن أحد أعضاء المجلس السياسي الأعلى مارس ضغوطا على وزارة الصناعة لاستثناء منتجات شركة "نستلة" من قرارات المقاطعة، غير أن الوزير رفض ذلك.
وقالت مصادر مطلعة إن "عضو السياسي الأعلى فشل في الضغوط على وزارة الصناعة والتجارة لاستثناء منتجات شركة نستلة من قرارات المقاطعة، ما دفعة للذهاب إلى مجلس النواب الذي لم يحضره منذ سنوات كعضو فيه بهدف مهاجمة وزير الصناعة والتجارة".
وأضافت المصادر أن "عضو السياسي الأعلى دافع عن شركة نستلة أمام مجلس النواب في صنعاء وادعى أنها لا علاقة لها بالكيان الصهيوني".
وأشارت المصادر إلى أن وزارة الصناعة والتجارة قدمت إلى مجلس النواب أدلة تورط شركة "نستلة" في دعم الكيان الصهيوني وهي ضمن قوائم المقاطعة للمنظمات الداعمة لفلسطين، بما فيها منظمات ومبادرات غربية.