فشلت الأمم المتحدة في تنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة والجوانب الإنسانية المتصلة به ، تفاؤل المبعوث الأممي جريفيت في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن بشأن إمكانية إحراز تقدم لا يستند قطعا إلى تعاون طرف المرتزقة والتحالف في تنفيذ الاتفاق أو تخفيف المعاناة الإنسانية الذي لم يتم بل يستند هذا التفاؤل إلى حرص الطرف الوطني الواقف بوجه العدوان على السلام وإنجاح اتفاق السويد الذي نفذ العديد من الخطوات لتنفيذ الاتفاق دون ما يقابلها من الطرف الآخر، إضافة إلى الالتزام المستمر بعملية ضبط نفس أمني وعسكري كبيرة إزاء خروقات طرف العدوان المستمرة والمتعمدة لإفشال الاتفاق .
تهديد ووعيد أطراف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي بالخيار العسكري والتهديد باحتلال الحديدة يأتي منذ اللحظات الأولى لتوقيع اتفاق السويد ومتزامنا مع تصعيد عسكري مكثف في بقية جبهات المواجهة العسكرية مع قوى العدوان ومرتزقتها.
المؤشرات السياسية والعسكرية والإعلامية لتحالف العدوان ومرتزقته تؤكد أن اتفاق السويد والموافقة عليه كان بهدف امتصاص زخم الضغط الدولي والإنساني لوقف العدوان السعودي الأمريكي ورفع الحصار عن اليمن ، والذي اكتسب زخما إضافيا كبيرا بتأثير جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بضوء أخضر من محمد بن سلمان الذي يقود العدوان والحصار على اليمن منذ أربعة أعوام،
عدوان ابن سلمان الارعن وغير المبرر بنتائجه الكارثية على اليمن أحرج أوساط الإدارة الأمريكية والكونجرس والصحافة العالمية ودفع باتجاه مطالبة إدارة ترامب بوقف دعمها للعدوان السعودي الإماراتي على اليمن وأصدر الكونجرس قرارا بالأغلبية في هذا الصدد .
جاء قبول السعودية والإمارات وبريطانيا باتفاق السويد للايحاء بأن ثمة إحساسا بخطورة الوضع الإنساني الذي سببته أربعة أعوام من حملة القتل والإبادة والحصار الظالم، وليس شعورا بالحاجة الفعلية للسلام ووقف العدوان على اليمن.
طريقة تعاطي تحالف العدوان ومرتزقة الرياض مع الاتفاق تؤكد على ذلك المنحى وبالاتجاه الذي تستطيع دول تحالف العدوان الزعم أمام الرأي العام العالمي والمنظمات الإنسانية بأنها قد قبلت وباركت اتفاق السويد مراعاة للجانب الإنساني ورغبة في السلام في حين أن العكس هو الصحيح.
تحالف العدوان يهدف من خلال المراوغة والتهرب من تنفيذ اتفاق السويد الذي يضطلع به رئيس المراقبين الضابط الهولندي الذي يحاول أن يضع تفسيرات لبنود الاتفاق تخدم العدوان في تحقيق ما عجز عنه بالعمل العسكري قبل الاتفاق ، واستمرار حالة المراوحة في تنفيذ الاتفاق حتما ستفضي إلى إفشال الاتفاق وتحميل الطرف الوطني المسؤولية أمام المجتمع الدولي كما عبرت أوساط تحالف العدوان الذي اعتبر الاتفاق انتصارا لمن أسماهم الانقلابين .
خلق حالة من الإحباط في الجبهة الداخلية من بين أسباب عرقلة تنفيذ بنود اتفاق السويد بجوانبه الإنسانية كملف الأسرى ومطار صنعاء والبنك المركزي الخ .
العملية العسكرية المباغتة والحساسة في توقيتها ومكانها بطائرة مسيرة التي استهدفت قاعدة العند العسكرية كانت مهمة بالقدر الذي أعادت فيه تعريف الصراع والمواجهة الشاملة مع تحالف العدوان، والتذكير بأن الجاهزية القتالية حاضرة في تغيير المعادلة التي يبدو أن العدوان اطمأن إليها من خلال ما عبرت عنه ردود فعله البائسة التي راح بعضها ينعي اتفاق السويد ويتباكى عليه باعتبار ما تعرضت له العند خرقا للاتفاق، والحقيقة أن تحالف العدوان ومرتزقته هم من رفضوا التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار شامل في كل الجبهات.
جاءت ردود الفعل الأمريكية والبريطانية التي أدانت استهداف معسكر العند واعتباره إخلالا باتفاق السويد بمثابة مغالطة تتناقض وجوهر اتفاق السويد ، وانحيازا صارخا للعدوان ومرتزقته ومحاولة ابتزاز مكشوفة للجيش واللجان الشعبية عن استخدام المنظومات الصاروخية والطائرات المسيرة في التصدي للعدوان وجرائمه ومؤامراته ، الموقف كشف عن طبيعة الدور والسياسة الأمريكية والبريطانية التي لم تتغير لليمن والتي ترى في استمرار العدوان عليه وتقسيمه خدمة لأطماعها ومشاريعها الاستعمارية المشبوهة التي يجري تنفيذها اليوم عبر السعودية والإمارات ومرتزقة الداخل اليمني في توقيت يصب في مساعي تنفيذ صفقة القرن الصهيونية المشبوهة .
واضح أن تعثر اتفاق السويد على ارتباط وثيق مع محاولات إدارة ترامب الهروب من مشكلاتها الداخلية والتنفيس عنها في المنطقة من خلال التصعيد والتحشيد ضد إيران والذي قاد وزير الخارجية الأميركي بومبيو لسبع من دول المنطقة ، ودعا من منبر الجامعة الأمريكية بالقاهرة بكل وقاحة وصلف وجهل وغرور العرب إلى التحالف مع الكيان الصهيوني في مواجهة إيران.
مشهد التأزيم في سورية حول الانسحاب الأمريكي والدور التركي والاعتداءات الصهيونية ، والتجاذبات السياسية في العراق داخل الكتل البرلمانية ، وتعثر لبنان في تشكيل الحكومة الجديدة ترتبط بمناخات التوجهات الأمريكية نحو تحقيق إنجازات استراتيجية لصالح الكيان الصهيوني ومحاولة التسريع بإنجاز ما سمي صفقة القرن في هذه الظروف التي يمر فيها النظام الرسمي العربي بمرحلة سقوط نحو الهاوية الصهيونية التي يندفع إليها حكام السعودية والإمارات والبحرين وغيرهم من الغارقين في الوهم .
إدارة ترامب لا تريد أن تتنفس المنطقة أجواء هزيمة داعش ومشاريع الفتنة الطائفية في العراق وسورية وانتصار محور المقاومة وهزيمة تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي المجرم في اليمن بل تسعى لاستمرار الأزمات ومفاعيلها حاكمة وفي ذلك ما لابد وأن يحمل في طياته من أسباب مقاومته وخلق نقائضه كسنة من سنن التاريخ .