إسنادًا لغزّة ومقاومتها الباسلة، شهدت الأشهر الخمسة الماضية عمليات نوعية للقوات المسلّحة اليمنية لمنع السفن الصهيونية من عبور مضيق باب المندب الاستراتيجي والوصول إلى ميناء “إيلات” أم الرشراش. ونطاق هذه العمليات توسع من البحرين الأحمر والعربي إلى المحيط الهندي بعد أن شمل قرار الحظر اعتراض السفن والمدمرات الأميركية والبريطانية واستهدافها.
في أثناء هذه المرحلة؛ وصل كيان العدو إلى قناعة بفشل التحالف الأميركي- الغربي في حماية السفن الصهيونية وتقويض القدرات اليمنية. وهو ما أقر به بكلّ وضوح الرئيس التنفيذي لميناء إيلات جدعون جولبر بقوله إن: “دول هذا التحالف لم تحل المشكلة في غضون الأشهر الماضية”.
جولبر، وفي تصريحات نقلتها وكالة “رويترز”، كشف أن السفن ما تزال تتجنّب الرسو في “إيلات” والميناء بصدد تسريح نصف عمال الرصيف البالغ عددهم 120 موظفًا، ورأى أن هذه الخطوة هي الخيار الأخير بعد الخسائر وتباطؤ النشاط لأشهر.
ميناء “إيلات” الذي يوفر للكيان الغاصب بوابة إلى الشرق من دون الحاجة إلى الملاحة في قناة السويس، أضحى خارج الخدمة، وحكومة العدو مطالبة بدفع رواتب العاملين فيه لمنع تسريحهم وتلك ثمرة من ثمار العمليات اليمنية المساندة لغزّة.
الطريق البديل عن البحر الأحمر، والذي يتطلب الالتفاف حول الطرف الجنوبي لقارة إفريقيا ما يطيل الرحلات إلى البحر المتوسط لمدة تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع وتزيد بالتالي التكلفة، لم يعد متاحًا أيضًا، وما هي إلا أيام حتّى يظهر تأثير العمليات اليمنية في المحيط الهندي على اقتصاد الكيان المترنّح.
حصار على الموانئ الفلسطينية المحتلة وصمود غزّة وثبات وفاعلية لجبهة لبنان، إضافة إلى مثلث الرعب وهو تهديد جديد يتمثل باختراق صاروخ من اليمن لمنظومات الدفاعات الجوية الصهيونية ما يزال يُشغل القادة الصهاينة ويقلق المستوطنين.
سيحتاج الصهاينة إلى وقت طويل لتفسير الحدث وقراءته من جوانبه الأمنية والعسكرية وكذلك الاقتصادية، ولن يصلوا إلى أي نتيجة. فالأمر ليس صدفة وقادم الأيام مليء بالمفاجآت التي ستؤدي إلى انعدام ثقة المستوطنين بقادتهم وجيشهم بقدر اهتزاز ثقتهم بالتحالف الأميركي.
السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي كشف عن استخدام القوّة الصاورخية صاروخًا مطورًا، في قصف “إيلات”، مؤكدًا فتح آفاق جديدة للتصنيع والتطوير.
بالنسبة إلى المحللين والمتابعين الصهاينة، فالصاروخ الذي اخترق أحدث الدفاعات الصهيونية أثار ذهولهم وطرح الكثير من علامات الاستفهام. فالصواريخ المستخدمة لا يُعرف بالتحديد نوعها ولا قدرتها في ظلّ الأنباء عن امتلاك اليمن لصواريخ “فرط صوتية”، لكن الأكيد أن هذه الصواريخ تحمل رؤوسًا متفجرة كبيرة تفوق التحصينات الموجودة في إيلات أو غيرها من المدن المحتلة.
بالعملية الحسابية؛ اليمن تفوق على أميركا وبريطانيا معًا بعدد صواريخه وطائراته المستخدمة في فرض الحظر البحري على السفن المعادية باستخدام 476 صاروخًا وطائرة مسيّرة، في القصف والاستهداف، في المقابل شنت أميركا وبريطانيا 407 غارة وقصف بحري على أماكن عدة في البلد.
في النتيجة، ومع الفارق الشاسع في ثمن القدرات، القوات المسلحة اليمنية فرضت معادلتها على الدول العظمى- بفضل الله وتأييده- وشواهد ومعايير النجاح تتمثل أولًا في قلة حركة السفن محل الاستهداف في البحر الأحمر، والأمر الآخر يتعلق بالتمويه الأميركي للسفن من خلال تقديم معلومات مضللة ورفع أعلام دول أخرى على السفن وكذلك مزاعم وادعاءات بيع السفن وتمليكها لدول أخرى صديقة للأميركيين.
المعلومات التفصيلية عن كلّ السفن التي تمر في البحرين الأحمر والعربي وصولاً إلى المحيط الهندي وكيفية حصول البحرية اليمنية هي الأخرى ما تزال معضلة تؤرق الأميركيين وتعمّق أزمتهم وفشلهم في فرض الهيمنة على طرق الملاحة التجارية.
نقلا عن : السياسية