صعّدت واشنطن الحرب الاقتصادية ضد حكومة صنعاء، بعد الفشل في دفعها إلى وقف عملياتها العسكرية في البحر الأحمر ضدّ الملاحة الإسرائيلية. وبالتنسيق مع وزارة الخزانة الأميركية، وبإشراف من السفارة الأميركية في اليمن، هدّد بنك عدن (المركزي)، أخيراً، البنوك التجارية والأهلية العاملة تحت سلطة «أنصار الله»، بإدراجها في قائمة غسيل الأموال، وتصنيفها كيانات معادية في حال عدم نقل مقارّها الرئيسية من صنعاء إلى عدن خلال 60 يوماً. وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها السلطات الموالية لـ«التحالف» نقل المركز المالي لليمن؛ إذ سبق لصنعاء أن أفشلت محاولة مماثلة قبل عامين، فيما يبدو اليوم أن الموقف الصعب الذي تمر به البحرية الأميركية في البحر الأحمر وخليج عدن، يدفع الولايات المتحدة إلى استنفاد أوراقها كافة ضدّ «أنصار الله».وتقول مصادر مقربة من بنك عدن، لـ«الأخبار»، إن «البنك يدرس استخدام خيارات إضافية ضدّ صنعاء، منها اتخاذ قرار جديد بوقف التعامل بالعملة اليمنية القديمة المتداولة في مناطق سيطرة "أنصار الله"، وتحديد مدة زمنية لسحبها من السوق واستبدالها بالعملة المطبوعة من قِبله»، والتي يبلغ حجمها 5.2 تريليونات ريال. وتضيف المصادر أنّ «هذا التوجه يُدرس منذ أيام، وسط مخاوف من تداعيات كارثية له على الوضع الاقتصادي في المناطق الخارجة عن حكومة الإنقاذ، كون هذه الخطوة سوف تعمّق الانقسام النقدي بين صنعاء وعدن، وستدفع الآلاف من المواطنين إلى استبدال العملة المحلية في التحويلات بين المدينتين بالعملات الصعبة، مع فارق سعر الصرف الذي قد يصل إلى 67%، ما سيؤدي إلى ارتفاع الطلب على الدولار في الأسواق».
وفي السياق نفسه، طالب مستشارون لبنك عدن، العاملين في السوق المصرفي الواقع في نطاق سيطرة الحكومة الموالية لـ«التحالف»، أخيراً، بالتخلي عن التعامل بالعملة المتداولة في صنعاء «لاقتراب إلغاء التعامل بها، واعتماد العملة المطبوعة من دون غطاء كبديل»، مشيرين إلى أن «البنك يعتزم إصدار قرارات جديدة لشلّ الحركة الاقتصادية في صنعاء». ويأتي ذلك التوجّه في ظل فشل خطوات سابقة للبنك، أبرزها وضع حركة التحويلات المالية من اليمن وإليه، وبين المحافظات اليمنية، تحت رقابة وزارة الخزانة الأميركية، تنفيذاً للتصنيف الأميركي ضدّ حركة «أنصار الله». كما سبق للبنك أن أوقف كل شبكات التحويلات النقدية إلى مناطق سيطرة «أنصار الله»، بعد رفض شركات الصرافة والبنوك الامتثال لقراره بشأن التحويل عبر شبكة موحدة خاضعة لسيطرته، إلّا أنّه فشل في إتمام تلك الخطوة بعد الاعتراض عليها من قبل العاملين في السوق المصرفي في عدن وصنعاء.
بنك عدن يهدّد بوقف التعامل بالعملة القديمة المتداولة في مناطق سيطرة «أنصار الله»
وكان بنك صنعاء قد اتهم واشنطن بإدارة الحرب الاقتصادية ضدّ الشعب اليمني، واعتبر، في بيان سابق، اعتراض السفارة الأميركية على خطوة حكومة الإنقاذ، سكّ عملة معدنية من فئة الـ100 ريال، «تدخلاً سافراً في الشأن اليمني الداخلي»، قائلاً إن واشنطن تسعى إلى تحويل العملة إلى أداة حرب. ولاقت العملة المعدنية من فئة الـ100 ريال، رواجاً كبيراً في الأسواق الواقعة تحت سيطرة صنعاء، والتي تمثل نحو 67% من السوق اليمني، إلّا أنّ الأهم أن هذه العملة التي أُصدرت استناداً إلى قانون البنك المركزي اليمني كبديل لكتلة نقدية تالفة من الفئة نفسها، أسقطت الرهان الأميركي على تهالك العملة المتداولة في صنعاء، ووصول الأخيرة إلى العجز عن إيجاد بدائل لنقص السيولة في ظل عدم الاعتراف الدولي بسلطاتها النقدية، بما يدفعها بالتالي إلى الخضوع للضغوط الخارجية.
ورداً على اتهامات الحكومة الموالية لـ«التحالف»، لصنعاء، بحرمان الاقتصاد من مليارَي دولار من عائدات النفط، جدّدت حكومة الإنقاذ إعلان استعدادها للموافقة على استئناف تصدير النفط اليمني المتوقّف منذ عام ونصف عام بسبب رفض «التحالف» صرف المرتبات من عائداته. وفي هذا الإطار، قال نائب وزير الخارجية في الحكومة المشار إليها، حسين العزي، في منشور على منصة «إكس» إن «قرار منع تصدير النفط من قبل صنعاء كان واحداً من أفضل القرارات الوطنية الخالصة باعتبار أنه حرم اللصوص والفاسدين من مواصلة نهب ثروتنا السيادية»، مؤكداً استعداد حكومته «لمنح الإذن باستئناف تصدير النفط فور توافر آليات نزيهة وشفافة تضمن تخصيص العائدات للمرتبات في عموم الجمهورية كما كان منذ عقود».
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية