تسير الولايات المتحدة عمياء عرجاء منذ إغلاق سفارتها في صنعاء مطلع 2015. وهذا ما نقلته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، آذار/ مارس، عن مسؤولين أميركيين لتفسير فشل العدوان الثلاثي الأميركي البريطاني الإسرائيلي على اليمن، ومحاولة الجيش الأميركي وقف الهجمات على الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر. وعزا المسؤول ذلك إلى عدم كفاية المعلومات الاستخبارية حول ترسانة القوات المسلحة اليمنية وقدراتها الكاملة.
لم تقف واشنطن مكتوفة الأيدي أمام العمى الحاصل لجيشها، فعملت على تفعيل أدواتها من المرتزقة في الساحل الغربي، وأنشأت ما تسمّى الوحدة 400، بقيادة الخائن عمار عفاش، لتقوم بمهمة التجنيد والتجسس لصالح العدوان الأميركي. هذا ما كشفته الأجهزة الأمنية اليمنية بعد نجاحها في توقف خلية التجسس الأميركية الإسرائيلية، والتي كانت تنفذ المخطّطات الأميركية الإسرائيلية لاستهداف القوات المسلحة اليمنية، لا سيما الصاروخية والبحرية والطيران المسيّر.
الاعترافات المنشورة تؤكد أن واشنطن تحاول تجاوز العمى الاستخباراتي في اليمن، بتجنيد المرتزقة لا سيما بعد طوفان الأقصى والإسناد اليمني لغزّة، والذي دخل مرحلته الرابعة من التصعيد، بتوسيع عملياته لتشمل أي سفينة تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية، حتّى تلك الموجودة على ساحل البحر المتوسط، مهما كانت جنسيتها ومهما كانت وجهتها.
بقدر ما تسجل الأجهزة الأمنية نجاحًا كبيرًا في توقيف هذه الخلية، والتي نفذت عمليات رصد لمواقع إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، فهي تكشفت أن الوسائل الاستخباراتية الأميركية التي تعتمد على التكنولوجيا، ليست فعالة ما لم يكن لها أدوات بشرية على الأرض، تقوم بمهام البحث والاستكشاف والرصد والرفع لغرفة العمليات التي تدار من المناطق المحتلة المطلة على على الساحل الغربي.
الحاجة الملحّة لواشنطن لمثل هذه الخلايات والجواسيس تتيح الاستنتاج بأنّ عين أميركا في الساحل الغربي قد فقئت، وستعود إلى العمى والعرج، نتيجة اليقظة الأمنية، سواء لرجال الأمن أو القوات المسلحة وأبناء المجتمع، والذين كان لهم الدور البارز في فضح هذه الخلية وغيرها من الخلايا.
لم يكن مستبعدًا أن يعمل ثلاثي الشر على البحث عن وسيلة تجسس على مواقع القوات المسلحة اليمنية ومحاولة إضعاف الجبهة المساندة لغزّة، لكن الجديد اليوم هو أن المرتزقة وضعاف النفوس هذه المرة يعملون بشكل مباشر مع أميركا و"إسرائيل"، وبشكل مفضوح، ضد مواقف الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه.
الدور الذي تنفذه "الأدوات العفاشية "المرتبطة بالإمارات، هو من أقذر الأدوار على الإطلاق، والتي يبدو أنها وصلت إلى مستويات متقدمة من العمل المباشر مع أميركا و"إسرائيل"، امتدادًا للنظام السابق، نظام علي عبد الله صالح، والذي بدوره كان قد قطع أشواطًا كبيرة للتقرب من "تل أبيب" والعمل لمصالحها.
إن كانت أدوات العدوان قادرة على خداع وتضليل بعض ضعاف النفوس وقاصري الوعي، لتجنيدها إلى جانب تحالف العدوان السعودي- الإماراتي، فإنه من غير المنطقي أن تكون بالقدرة ذاتها على تجنيد الجواسيس لمصالح أميركا وحماية لكيان العدوّ الإسرائيلي؛ لأن كلّ اليمنيين يكنّون مشاعر العداء الواضحة لهذا العدو، لولا الحصار وانقطاع المرتبات، وما ينتج عنها من العوز في قطاع واسع من شريحة الشباب، وبالتالي يسهل خداعها وإغرائها بفتات، كما سمعنا من اعترافات أحد تلك العناصر، أنه استلم فقط مئة ريال سعودي، وهو ثمن بخس.
هذا النجاح للأجهزة الأمنية لم يكن الأول، فقد سبقته نجاحات كبيرة، أعلن عن عدد منها، بينما بقي البعض الآخر طي الكتمان. وهذا يعني أن الأعداء لن يكفوا عن نسج مؤامراتهم وحياكة خططهم، لتجنيد خلايات بديلة تقوم بالأدوار نفسها، إلا أنه -بفضل الله وعونه- وتكاتف الأجهزة الأمنية والعسكرية والمجتمع ستتحطم كلّ المؤامرات.
*نقلا عن :موقع العهد الإخباري