د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي*
يومَ الخميس الماضي كان هناك حدثان مهمَّان:- الأول: انعقاد القمة العربية في البحرَين، والثاني: انعقاد جلسة لمحكمة العدل الدولية للنظر في طلب دولة جنوب إفريقيا اتِّخاذَ إجراءات طارئة لوقف حرب الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة.
في الحدث الأول انعقد اجتماع على مستوى القمة شاركت فيه جميع الدول العربية، وهي قمة دورية، ولكن سيطرت قضية غزة على جدول أعمالها، وقد عكست القمةُ البؤسَ الذي يعيشه العرب على المستوى الرسمي؛ لأَنَّ اجتماعَ أكثرَ من 20 دولة تدّعي أنها تقف إلى جانب القضية الفلسطينية كان من المتوقع أن تصدرَ عنها مواقفُ قوية، ولكن البيان الذي صدر كان هزيلاً جِـدًّا، يدين ويشجب!، ويطالب العالم بالتدخل لمنع قتل المدنيين، ويدعو الكيان الصهيوني للسماح بدخول المواد الإغاثية إلى غزة.
وبرغم أن الدول العربية لديها وسائلُ وإمْكَانيات عديدة فردية وجماعية يمكن من خلالها أن تفرضَ على الكيان الصهيوني ما تريد، ولكن الواقع يؤكّـدُ أن أصحابَ الجلالة والفخامة والسمو أصبح ولاؤهم لأمريكا والصهيونية العالمية بشكل مطلق، ولذلك لم يجرؤ أحدهم على رفع صوته ولو حتى على مستوى الكلام وليس الفعل، وفي المقابل كانت كلمة السيد القائد عبدالملك الحوثي، في نفس اليوم أقوى من كُـلّ ما دار في أروقة قمة العرب؛ لأَنَّها كلمةٌ عمليةٌ ترصُدُ ما يحدث وتبني عليه إجراءاتٍ عمليةً وتصعيدية لها أثرُها في الواقع، ويحسب لها العدوُّ ألفَ حساب.
وأما الحدث الثاني فكان جلسة محكمة العدل الدولية، التي قدمت خلالها جنوبُ إفريقيا مرافَعةً استعرضت فيها الجرائم التي ارتكبها الكيانُ الصهيوني في غزة، والتي تصل إلى مستوى جرائم إبادة، وقدمت الإثباتاتِ التي تدينه، وطالبت من المحكمة إدانة الكيان الصهيوني وإلزامه بالانسحاب من كافة أنحاء قطاع غزة، ولا أظن أن أي عربي يؤمنُ بالقيم الليبرالية (كما يدَّعون) ويدعو إلى السلام يمكن أن يتحدَّثَ عن جرائم الاحتلال في غزة كما تحدث ممثلو جنوب إفريقيا؛ لأَنَّ كُـلَّ أُولئك بما فيهم الزعماءُ العرب يؤمنون بأن ما تقولُه أمريكا هو الصحيح وغيرُه خطأ يجبُ عدم الوقوف معه.
ولذلك رأينا الفزعةَ من الدول التي تحترم نفسَها مثل جنوب إفريقيا والبرازيل وفنزويلا وغيرها، ورأينا التآمُرَ من النظام العربي الرسمي ضد القضية الفلسطينية.
*نقلا عن : السياسية