ارتفع مستوى التوتر بين صنعاء والرياض خلال الساعات الماضية، على خلفية التصعيد الاقتصادي الذي تقف وراءه السعودية وأميركا. ويأتي ذلك على رغم محاولة المملكة الخروج من ورطتها، بتوجيه «المجلس الرئاسي» الموالي لها، بالاستجابة لمطالب «أنصار الله»، من خلال الإعلان عن تأجيل عدد من الإجراءات الاستفزازية؛ إذ عدّت صنعاء تلك المحاولة تهرّباً سعودياً من التزامات سابقة، وطالبت على لسان عدد من قادتها، الجانب السعودي بتنفيذ خطوات جادة في الملف الإنساني والاقتصادي، تعكس رغبة حقيقية في إمضاء «خارطة الطريق» الأممية، بما يسهم في إنهاء معاناة موظفي الدولة والأسرى والمعتقلين. كما أكدت أن التفويض الشعبي لقيادة «أنصار الله»، وإيكال الأخيرة الأمر إلى القوات المسلحة، هو الخيار الذي تراه الكفيل بفرض السلام.وقالت مصادر سياسية، لـ«الأخبار»، إن الرياض حاولت إيصال رسائل إيجابية إلى صنعاء عبر وسطاء إقليميين ومحليين خلال الساعات الماضية، مؤكدة استعدادها للإسهام إلى جانب الأمم المتحدة في الترتيب لجولة مفاوضات خاصة بالملف الاقتصادي، من دون شروط مسبقة. وأشارت المصادر إلى أن السعودية أبلغت «أنصار الله» استعدادها لإلغاء الشروط التي وضعها «المجلس الرئاسي» المنعقد مساء الجمعة الماضي في الرياض، والتي أبرزها السماح له بإعادة تصدير النفط من دون الالتزام بصرف رواتب موظفي الدولة، وكذلك إبطال قرار منع التعامل بالعملة التي تم صكّها من قبل سلطات صنعاء النقدية، إلا أن العرض السعودي لم يلق قبولاً لدى اليمن، خاصة أن المملكة قدّمت نفسها فيه كراعي سلام وليس كخصم رئيسي.
هكذا، لا تزال الرياض تكابر في وجه صنعاء، على رغم بعثها برسائل تؤكد عدم رغبتها في الدخول في جولة حرب جديدة مع اليمن. وأكدت مصادر اقتصادية، لـ«الأخبار»، أن «العروض المقدّمة من قبل السعودية تؤكد أن الأخيرة لم تغادر مربع المراوغة، وتعكس رغبة في تأجيل حلحلة الملف الاقتصادي إلى مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية»، وإبقاء الضغوط على البنوك التجارية والإسلامية في صنعاء ورقة للاستخدام اللاحق. وأشار المصدر نفسه إلى أن المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، يسعى لاحتواء أي تصعيد عسكري محتمل، إلا أن ما يحول دون ذلك استخدام الملف الاقتصادي للإضرار باليمنيين من قبل السعودية وأميركا، وهو ما فعلته الأخير عبر مبعوثها لدى اليمن، تيم ليندركينغ، خلال العامين الماضيين، عبر إفشال أي تقدّم في المسار الإنساني وتعمد إعاقة كل الجهود التي بُذلت لإنهاء معاناة موظفي الدولة المتوقّفة مرتّباتهم الأساسية منذ تسع سنوات. ويلفت المصدر إلى أن السبيل الوحيد لوقف التصعيد العسكري، التوجّه نحو تنفيذ خطوات بناء ثقة تنهي معاناة اليمنيين وتفتح مسارات السلام.
الرياض حاولت إيصال رسائل إيجابية إلى صنعاء عبر وسطاء إقليميين ومحليين
وبدورها، ذكرت مصادر مقربة من حكومة عدن، لـ«الأخبار»، أن السعودية خذلت البنك المركزي في عدن، وأبدت استعدادها للتضحية بمنصب محافظ البنك، أحمد المعبقي، مقابل إرضاء صنعاء، لافتاً إلى أن المعبقي يواجه تهديداً سعودياً بالإطاحة به من منصبه.
لكن حكومة الإنقاذ كانت عقّبت على موقف «المجلس الرئاسي» في اجتماعه الذي انعقد بتوجيه من الديوان الملكي السعودي، وأبدى فيه رغبته في تأجيل التصعيد الاقتصادي لفترة مؤقتة، برفض التسويف في هذا الملف. وأكد نائب وزير خارجية تلك الحكومة، حسين العزي، في منشور على منصة «إكس»، أن «صنعاء أبلغت مبعوث الأمين العام رفضها القاطع لمحاولة تبييض صفحة الخارج الأميركي وتصوير العدوان الخارجي وكأنه شأن داخلي».
في مقابل قيام أطراف محسوبة على حكومة عدن، بتنظيم تظاهرات مؤيدة لقرارات التصعيد الاقتصادية ضد بنوك صنعاء في تعز ومأرب، فوجئت حكومة عدن بإعلان فروع البنوك في المحافظات الجنوبية الإضراب عن العمل، وإغلاق أبوابها. ووفقاً لمصادر اقتصادية، فإن قرار الإضراب جاء بتوجيه من مجالس إدارات البنوك الستة المشمولة بقرارات بنك عدن، والتي رفضت كل الإجراءات التي تعرّضت لها، ووجّهت بالإضراب الكلي في كل فروعها الواقعة في المحافظات الخارجة عن سيطرة صنعاء، ما دفع بسلطات تلك المحافظات إلى استخدام القوة ضد البنوك وإجبارها على فتح أبوابها، مهدّدة القيادات البنكية بالسجن لامتثالها لمطالب صنعاء، ومعتبرة الإضراب تمرداً على البنك المركزي في عدن.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية