في موكب جنائزي مهيب شيعت جموع غفيرة من أهالي حي الرقاص جثامين الشهداء الأبرار الذين سقطوا نتيجة قصف طائرات العدوان لحيهم المكتظ بالسكان والذي خلف عشرات الشهداء والجرحى بينهم أطفال من ذوي الإعاقة ، الضحية والهدف المباشر من وراء القصف كانت أسرة رئيس اتحاد اليمنيين الصحفي والإعلامي القدير عبدالله علي صبري الذي تعرضت شقته السكنية المستأجرة في حي الرقاص لصواريخ الحقد السعودي السلولي وهو ما أسفر عن استشهاد نجلي الأستاذ عبدالله صبري حسن ولؤي وإصابة الأستاذ عبدالله ووالده ووالدته فيما نجا بليغ وأخواه بقدرة الله ومشيئته ، وهذا هو الامتحان الكبير لأسرة آل صبري داوود التي أرادت قوى الغدر والإجرام إبادتها صبيحة الـ11من رمضان في ساعات الصبح الأولى ، ولكن مشيئة الله اقتضت اللطف بهذه الأسرة النموذجية التي تمثل انموذجا يحتذى بين الأسر اليمنية ، في التزامها وتربيتها ودماثة أخلاقها ونبل سجاياها ، وقوة عزيمتها وإرادتها الصلبة القوية التي لمستها وأنا أصافح بليغ النجل الأكبر للأستاذ عبدالله ، وأعمامه علي وأحمد وعبدالرحمن ، الجميع كانوا مثار حديث كل من شارك في مراسم التشييع إلى روضة الحشحوش بالجراف .
قدمنا لهم واجب العزاء فكان الرد منهم بالحمد والشكر لله على هذا الفضل وهذا العطاء والاصطفاء الرباني الذي منحهم إياه ، عظمة وعزة شاهدتها في أعين آل صبري وهم يوارون الثرى شهيدين في مقتبل العمر التحقا بركب العظماء بعد أن تناولوا وجبة السحور وصلوا الفجر وخلدوا إلى النوم قبل أن تباغتهم طائرات العدوان الغاشم ، وقبل الصلاة على جثامين الشهداء في جامع الهدى بحي الرقاص شاهدت حالة من الحزن طغت على وجوه غالبية من حضروا للصلاة على جثامين الشهداء من أهالي الحي الذين آلمتهم فاجعة آل صبري وجيرانهم ، الكل تحدثوا عن أخلاقهم وسيرتهم الحسنة وتنشئتهم الصالحة وتربيتهم الحميدة ، وصبوا سيل لعناتهم على آل سعود وهتفوا خلال التشييع لا إله إلا الله آل سعود أعداء الله ، ودهشت وأنا أستمع بصحبة الأستاذ عبدالرحمن الأهنومي رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير للزميل أحمد داوود شقيق الأستاذ عبدالله وهو يحكي عن الألم الذي يعاني منه شقيقه وهو لا يعني ألم الجسد ولكنه يتحدث عن ألم القلب فهو يشعر بالحزن على الضحايا شهداء ومصابين من جيرانه الذين سقطوا جراء القصف ، حيث يرى بأن استهدافه تسبب في تعرضهم للخطر ، فيرى أنه قد يكون المتسبب في كل ما حصل لهم ، وهنا تتجلى العظمة وتتجسد قيم الطهر والنقاء وتتجسد كل معاني الإنسانية التي قل أن نجدها في الكثير منا في هذا الزمان ، ولكن هذه الأسرة الصابرة المحتسبة كانت انموذجا فريدا يحتذى به، وتستحق منا كل التقدير والاحترام ، ومن الدولة الرعاية والاهتمام .
بالمختصر المفيد، لقد وضعت أسرة آل صبري لبنات لها في صرح الإسلام ، وسطرت أروع صور التضحية والفداء ، وقدمت نموذجا رائدا في الصبر والتحمل والصمود والتحدي ، وحازت على التكريم الإلهي المستحق عن جدارة ، فهنيئا لكم آل صبري هذا الفضل وهذا العطاء وهذا الشرف وهذه المكانة التي نغبطكم عليها ، رحم الله شهداءكم وشفى الله جرحاكم وحفظ الله الأحياء منكم وثبت على طريق الحق والصواب والفلاح والرشاد خطاكم ، والرحمة لكافة الشهداء والشفاء للمصابين والجرحى والخلاص والحرية للأسرى والمعتقلين ، والنصر والتمكين لليمن واليمنيين ، واللعنة والخزي على آل سعود وآل نهيان ومن تحالف معهم وناصرهم وساندهم ووقف في صفهم من المرتزقة المنافقين ، “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون” .
صوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً وإفطاراً شهياً وعملاً متقبلاً ونصراً مرتقباً بفضل الله وتأييده .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .