انطلاقاً من الشعورِ بالمسئولية والإحساس بمعاناة الشعب، تقدَّمَ المجلسُ السياسيُّ الأعلى بمبادرة اقتصادية من طرف واحد؛ استكمالاً لمخرجات مشاورات السويد التي تضمّنت ضرورةَ حلحلة المِـلَــفّ الاقتصادي، وتحييد الاقتصاد الوطني عن الاستهداف الإجرامي من قبل تحالف العدوان، الذي طالما تعمَّدَ استهدافَ الاقتصاد الوطني بكُلِّ مرافقه ومؤسّساته وموارده، غير مبالين بمعاناة المواطنين وشقائهم.
تضمّنت المبادرةُ الاقتصاديةُ المقدَّمةُ من طرف واحد -المجلس السياسي الأعلى- توجيهَ الحكومة إنشاءَ حسابٍ خاص في البنك المركزي اليمني فرع الحديدة؛ لتوريد إيرادات الموانئ الثلاثة (الحديدة، رأس عيسى، الصليف)، بحيث يُستخدَمُ هذا البند لصرف المرتبات لكل اليمنيين والتخفيف من معاناتهم، جراء انقطاع الرواتب والقيود الاقتصادية والحصار المفروض على الشعب اليمني من قبل تحالف العدوان وعملائه.
تأتي مبادرةُ المجلس السياسي الأعلى، لتدُلَّ دلالةً واضحةً على عظمة القيادة، واهتمامها بأحوال الشعب الاقتصادية والمعيشية المتردية، بينما يقفُ في الجانب الآخر من يزعمون أنهم يمثّلون الشرعية، وأنهم من يتحمل مسئولية الشعب، غير أنهم في الحقيقة، لا يعدون كَونهم أدواتٍ بيد السعودية والإمارات ومن خلفهم أمريكا وإسرائيل، لا يهمهم الشعبُ ولا معاناته ولا أي شأنٍ من شئونه، علاوةً على أنهم لا يملكون قراراً في أي شأن من شئون السياسة، أَو حتى شئونهم الخَاصَّــة، وطالما عملوا على إفشالِ المفاوضات، وعرقلوا جميعَ الحلول وأمعنوا في التعنُّت وطلب التنازلات المجحفة بحق الشعب، من وفدنا الوطني المفاوض.
مما لا شك فيه أن دول العدوان ترفُضُ الحلولَ الجدية والجهودَ الصادقة الرامية إلى إنهاء العدوان وإقامة دولة مدنية موحدة شاملة لكل الأطراف، وهذه هي طبيعة أي عدو، لكن العجيبَ أن يتبنى من يسمون أنفسَهم “شرعيةً” هذا الموقفَ المعاديَ لليمن أرضاً وإنْسَاناً، ليُسقِطوا عنهم قناعَ الوطنية المزعوم، ويثبتوا أنهم أذرعُ هذا العدوان وأدواته وعملاؤه بامتياز، وفي كُـــلّ مرة يتقدم الوفد الوطني المفاوض أَو المجلس السياسي الأعلى بمبادرات وتنازلات في سبيل حلحلة الوضع، وإيجاد مخرج وحلول عادلة، بما لا يمس سيادة واستقلال الجمهورية اليمنية، تمعنُ أدواتُ العدوان ومرتزقته في التعنت والرفض، والتنصل عن كُـــلّ الاتّفاقات والالتزامات السياسية والأخلاقية والإنْسَانية؛ ليكشفوا حقيقتَهم الكاملة وصورتهم الحقيقية، لجميع أبناء الشعب اليمني، الذين ستطالهم جَميعاً عواقبُ ذلك التعنت، الذي يخدُمُ أمريكا وإسرائيل، ويسعى إلى قتلِ وتجويع شعب بأكمله؛ نتيجةَ المساومة بالمِـلَــفِّ الاقتصادي والمقامرة بأقوات الناس ومعايشهم وأرزاقهم.
الآن الكُرةُ في ملعب الطرف الآخر، فإما أن يحاولَ من يسمون أنفسهم شرعية، أن يقدموا خطوة جادة لأجل الشعب اليمني، وبهذا قد تتحسن صورتهم نوعاً ما، وإما أن يستمروا في سقوطهم الأخلاقي والإنْسَاني كما هو ديدنُهم، وكما هي عادتُهم هم وأسيادهم.