أرادوه شرقًا أوسطًا جديدًا كما يتخيلونه وكما يحلو لهم، بعد أن مهدوا لذلك لفترات طويلة جداً استخدموا فيها المكر والدهاء وجميع وسائل الترغيب والترهيب، وبعد أن سعوا جادين في صنع ملوك ورؤساء متواطئة معهم وشعوب ذليلة خانعة لهم.
اتخذوا من تواطئ العملاء في الداخل العربي وبالأخص الزعماء وتدجينهم للشعوب العربية والإسلامية في جميع المجالات طيلة أجيال ٍمضت إضافة ً إلى ما يملكونه من قوة ومع استخدام أساليب التزييف والتضليل واختلاق الأعذار الواهية مبرراً للاعتداء على شعوب هذه المنطقة واستعمارها وقتل أبنائها والاستيلاء على خيراتها، وذريعةً للوصول إلى غايتهم المنشودة.
بدا الأمر في البداية كأنّهُ في صالحهم تمامًا وكأنّ الرياح تمشي بسفنهم أنّى شاءوا وتطاوعهم في كل شيء، ولكن فجأة هبّت رياح عاتية مغايرة لها في الاتجاه، وإذا بها لا تغير اتجاه سفنهم ورغباتهم فحسب، بل تقلبها بمن عليها، وتغير الأمور كليةً رأساً على عقب!
تخيلت الإدارة الصهيوأمريكية ألّا صوت سيعلو فوق صوت طائراتها وصواريخها التي ملأت بها الجو، وألا شيء يستطيع أن يقف في وجه مجنزراتها ودباباتها ومدرعاتها التي ملأت بها البر، وليس البحر هو الآخر ببعيدٍ عن ذلك فقد ملأته ببوارجها وسفنها وغواصاتها الحربية والتجسسية، وحتى الفضاء الخارجي مُلئ بالأقمار الصناعية وأجهزة الرصد المتطورة التي تستطيع أن تكشف حتى عن دبيب النمل في أي مكانٍ شاءت على وجه هذه المعمورة!
إذن فهي سطوة العالم المتجبر التي تتنافس فيه كبريات الدول على تقاسم الكعكة، التي يقدم سكينة تقطيعها العملاء والخونة من أبناء هذه المناطق ذاتها، وهكذا فقد أُحكِمت الخطة واكتملت أدوات الجريمة، ولنا أن نتساءل ما الذي حدث بعد كل ذلك!
وصل التآمر ذروته وكان لا بد من قمع أي خطر محدق أمام هذه المخططات الاستعمارية الخبيثة بل واستئصاله إلى الأبد استكمالًا لمشروع الهيمنة والشرق الأوسط الجديد الذي تم الإعلان عنه مسبقًا، وكانوا قد حققوا الكثير في سبيل إنجازه إلا من حجر عثرة في طريقه، كما استهان بها المعتدون في بادئ الأمر واعتقدوا أن قلعها أمراً سهلاً مقارنةً بالتجهيزات التي تفوق حتى الغرض الذي أعدوه لذلك، والتي شاركت فيها 17 دولة بكل عتادها وثقلها، لكن المفاجأة أن ما كانوا يعتقدونه حجرة صغيرة استعصت عليهم وإذا بهم يصطدمون بجبلٍ أصم، تنهار أمامه وتتكسر على صخرة بأسه جميع أوهامهم وأمانيّهم.
نعم. ذاك هو اليمن يا سادة نقطة التحول في الشرق الأوسط الجديد، ومنه انطلاق معادلات تغير القوى وتلاشي زمن الأسطورات الوهمية وفخر الصناعات المرعبة الخرافية، وتصاعد القوة النامية من اللا شيء إلى القمة، وانحدار الخرافات من أعلى عليين إلى أسفل سافلين!
فعن أي فخر صناعاتٍ يتحدثون، هل عن المجنزرات والمدرعات العملاقة التي هزمتها بندقية المقاتل اليمني وداسها بقدمه وهزِأت بها ولاعته!
حتى تحولت إلى أكوام من الخردة التي لا أمل يرجى بها، أم أن حديثهم عن طائرات الأباتشي المتطورة والإف بأنواعها المختلفة التي صالت وجالت في سماء اليمن ملايين المرات وأحرقت كل شيء ودمرته دون أن تحقق أي شيء يذكر سوى جرائم نكراء يندى لها جبين الإنسانية!
هل عن الطائرات التي أسقطتها أم عن البوارج التي أغرقتها!
وأين ذهبت أنظمة الباتريوت باهضة الثمن والرادارات المتطورة والصواريخ الأخرى، أم أنها أصبحت في خبر كان أمام الطائرات اليمنية المسيرة والصواريخ التي أنشأها اليمانيون من العدم في ظل عدوان عالمي جائر وحصار مطبق حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، بل ويفاخر اليمانيون كل يوم بالتصنيع والتطوير في مجال التصنيع الحربي من صواريخ وطائرات مسيرة وصل بها إلى الاكتفاء الذاتي والتي أثبتت فاعليتها الكبيرة وأربكت قوى العدوان، وتصل في كل يوم إلى مديات أبعد، وتتعالى ردود الأفعال كما يتعالى الصراخ والعويل بأن ليس هذا ما كانت ترجوه أمريكا ولا تراهن عليه إسرائيل الأكثر رعبًا مما صار إليه المارد اليمني الذي يقضّ مضجعها ويهدد كيانها الغاصب، ولسان حالها يقول - كان عدواننا على اليمن ضمن مخطط الشرق الأوسط الجديد فإذا بها هي من تنسف مشروعنا وتكوّن النواة الأولى الحقيقية على طريق الشرق الأوسط الجديد المتحرر من الهيمنة والوصاية، فهل ستصل كما صواريخها وطائراتها المسيرة إلى مديات أبعد!
إذن ها هو اليمن الحر الأبي يتقدم بخطوات قوية وثابتة ومتسارعة في مجال التصنيع العسكري، وفي ابتكار الجديد وتطوير الصواريخ والطائرات بمختلف أنواعها ومدياتها، وأنّ هذه الإنجازات العسكرية المهمة التي دخلت في صناعة التاريخ المعاصر من أوسع الأبواب لن تتوقف ولن يهدأ لها بال حتى تنال من جميع الأماكن الحساسة والمهمة لدول العدوان وتستمر في تمريغ أنفها في تراب الذل تحت أقدام المارد اليمني، والذي وقفت عاجزة تماما أمامها إلا من البكاء والعويل، وسيستمر اليمن وقيادته المقتدرة الحكيمة ورجاله البواسل وشعبه العظيم في التصنيع والتصعيد بشكل متواتر حتى يفقد العدو توازنه ويصنع النصر المؤزر الذي سيضاف إلى تاريخه الناصع الرافض للضيم والعصي على الانكسار.