متى كان هادي وحكومته يسيطران على الوضع في عدن ومحافظات جنوب اليمن؟
بل متى كان قادرا على العودة إلى عاصمته المؤقتة؟
فلماذا كل هذه الجلبة والصراخ، وكأن الأمر حدث للتو..؟!!
مشكلتكم "العويصة" أنكم تكتشفون الحقائق وقد أزهرت وأينعت؛ وبات يراها حتى الأعمى!!
ألم تسألوا أنفسكم، وإن من قبيل الفضول:
أين يقيم هادي؟ ولماذا لم يعد إلى عدن بعد "تحريرها" كما تقولون؟
وكيف تمنع - بضم التاء- طائرة "الرئيس الشرعي" قبل نحو عامين من الهبوط في مطار عاصمته المؤقتة؟
بالمناسبة..من الذي منعها؟
هل كانت حكومته مثلا؟ أم هادي نفسه هو الذي منع "الرئيس هادي" من العودة وطائرته من الهبوط؟!
يبدو الأمر مضحكا..أعرف..وتعرفون جيدا في المقابل من قام بذلك؟
ثم..
ألم يكن هادي على علم بما يجري ويحدث له؟ وماذا عن السعودية؟ لماذا سكتت عن كل ذلك؟ أم هي الأخرى لا تعرف شيئا؟
وماذا عن سقطرى؟!....والموانئ والسواحل والمطارات؟
وماذا عن طائرات اليمنية حين منعت من المبيت في مطارهن بعدن؟
ألا تتذكرون حين خرج الجبواني وزير النقل في حكومة هادي، معلنا: إن وزراء حكومته لا يستطيعون التحرك بحرية في المحافظات الجنوبية؛ وأن المطارات استحالت معسكرات وثكنات ومعتقلات إماراتية؟
ومكاشفة الميسري وزير الداخلية في الحكومة نفسها، حين قال: إن أقسام شرطة عدن والكثير من السجون والمعتقلات خارج سيطرة وزارته؟
وأن من يسيطر ويدير تلك السجون إلى جانب عدد من المعتقلات السرية في عدن والجنوب هي: الإمارات العربية المتحدة؟
وزراء ومسؤولون آخرون من حكومة هادي، قالوا الكثير حيال الإمارات، وأجمعوا على اتهامها والتشكيك في دوافع تدخلها، لكنهم جميعا، اتفقوا في الوقت نفسه، على الاستخفاف باليمنيين والعالم والضحك عليهم، بتبرئتهم للسعودية والتأكيد على صدق دوافعها في التدخل..ولم يتوقفوا حتى الآن عن إعادة وتكرار هذه الاسطوانة مع كل حدث جديد..وكأن مواقفهم وانفعالاتهم هذه، ليست أكثر من غسيل لأدوارهم التي سيلعنهم التاريخ بسببها، باعتبارهم جزء فاعل مما يجري تنفيذه على الواقع، ولهذا نجدهم بعد كل مرحلة ينجزونها، يصرخون ببراءتهم منها..وهكذا..
منذ عامين أيضا، والكثير منا يتحدث بيقين عجيب عن صراع إماراتي سعودي وتضارب أجندة ومصالح في جنوب اليمن..رغم كل الشواهد المتواترة والمؤكدة لواحدية المخطط، وحقيقة التنسيق وتبادل الأدوار بين قطبي تحالف الحرب والعدوان..وليس أبرزها وأجلاها، السيطرة على المحافظات الجنوبية واغلاقها أمام "رئيس الشرعية وحكومته"، وتحويلها إلى ساحة صراع واغتيالات وتصفيات بين فصائل التحالف وأطرافه..ما يشي بتكامل نفوذ من أهدافه توسيع الاحتقانات الاجتماعية من خلال صراعات ومواجهات ستتراكم وتتجدد بين وقت وآخر..
وحدهما السعودية والإمارات تكسبان، من تسويق وترويج هذا الوهم؛ وهم الخلاف والصراع فيما بينها، فتجعلان الاصطفافات في اطارهما مع هذه وضد تلك، وهما على الخط نفسه، ذلك أن كيانات ودويلات محطات البنزين لا تتصارع، بل تتكامل وظيفيا..
إذا كانت المقدمات تنبئ بالنتائج حتما، فمقدمات هذا العدوان أو التدخل كما تسمونه كانت واضحة؛ وتحالف العدوان منذ اليوم الأول بدا مكشوفا بقصف وتدمير مقومات الحياة في اليمن؛ وضرب هويته الجامعة؛ وقتل أكبر عدد من هذه الكتلة السكانية المقلقة لها؛ ومن ثم الابقاء على الجغرافيا اليمنية في حالة توتر واشتباك دائمين؛ بإحياء الهويات الصغيرة والأصغر، وخلق فجوات إجتماعية وتوسيع الاحتقانات والكراهية كأسيجة تحمي مشروع التحالف وتؤدي في النهاية إلى: تقسيم وتفتيت اليمن؛ كمشروع سعودي بالدرجة الأولى، إماراتي تاليا!
ألم تسمعوا عبدالعزيز جباري عضو البرلمان ومستشار هادي مع بدء العدوان، وهو يقول: للسعودية الحق في أن تحمي أمنها القومي بشن عاصفة الحزم...!!!
ماذا يعني ذلك؟
لا يعني شيئا..غير أن "الشرعية" ورئيسها الذي لم يعلم بعاصفة الحزم إلا بعد شنها؛ ليسوا أكثر من مساند لاستراتيجية تحالف الحرب والعدوان، وليس العكس، ويبدو أن هذه "الشرعية" المهترئة بحاملها السياسي والعسكري -حزب الإصلاح- قد أنجزت دورها؛ وبالتالي يجب دفنها والتخلص منها مع حاملها الكبير والمقلق والمنخرط في اللعبة المدمرة للبلد وله كحزب وقوة سياسية، لصالح شرعيات جديدة تخلقت وخرجت كقوى في الواقع من عباءتها؛ والتعامل مع هذه القوى الجديدة والمتعددة ومنحها دورا سلطويا؛ يقتضي تواري لافتة "الشرعية" الميتة سريريا؛ وبعد تواريها فعليا، لم يتبق سوى مواراتها؛ وإكرام الميت دفنه!
حينئذ ستصرخون مجددا..لكن؛ حتى وأنتم تدفنون على يد تحالفكم..لا أحد منكم سيشير بإصبعه إلى القبلة -بكسر القاف- لتموتوا كما أنتم: جبناء تافهين!.