يغرق المبعوث الأممي مارتن غريفيث في تدليسه وتلبيسه ودبلوماسيته وهو يستعرض إحاطاته الشهرية الخاصة بالأوضاع في اليمن أمام مجلس الأمن، ويعمد إلى خلط الأوراق، وتتويه المجتمع الدولي وإطالة أمد العدوان والحصار، وعدم الوقوف على الأوضاع الأمنية بمحافظة الحديدة على حقيقتها، وعدم تسمية الطرف الذي ينتهك قرار وقف إطلاق النار ويرتكب خروقات تهدد بنسف اتفاق السويد.
خروقات يومية يرتكبها مرتزقة العدوان في الحديدة، أكثرها وحشية تلك الخاصة بمدينة الدريهمي التي تتعرض لحصار إجرامي غاشم تجاوز كل الحدود، خروقات تتم على مرأى ومسمع البعثة الأممية ولجنة المراقبة الأممية، ويأتي البريطاني غريفيث في إحاطته الأخيرة ليقول بأن الأطراف في الحديدة ملتزمة بوقف إطلاق النار، وبأن الغارات تراجعت بنسبة 80 % وأن الأسبوعين الأخيرين لم يشهدا أي غارات جوية في مغالطة مفضوحة، ودبلوماسية مقيتة، الهدف منها تمديد فترة عمل غريفيث وفريقه، وإلهاء المجتمع الدولي بالحديث عن تراجع الغارات، والالتزام بوقف إطلاق النار، وبأن الأوضاع تحسنت على ما كانت عليه في السابق وغيرها من الأطروحات التي تظهر غريفيث من خلالها وكأنه يريد مسك العصا من المنتصف مع الميل نحو قوى العدوان ومرتزقتهم في كثير من الأحيان، دون تحقيق أي تقدم ميداني ملموس ينعكس إيجابا على الوضع العام في الحديدة خاصة وفي اليمن عامة.
فالخروقات ما تزال مستمرة، وقوى العدوان ما تزال تحتجز السفن المحملة بالمشتقات النفطية والمواد الاستهلاكية، وتفرض المزيد من القيود على حركة السفن التجارية للحيلولة دون وصولها إلى ميناء الحديدة، بما في ذلك الرسوم الجديدة المجحفة التي تسعى حكومة المرتزقة عبر ما يسمى باللجنة الاقتصادية التابعة لهم التي يرأسها المرتزق العميل حافظ معياد لفرضها في سياق حربها الاقتصادية التي تشنها على بلادنا، وما يزال الحصار على الدريهمي قائما وسط قصف متواصل للمحاصرين فيها، وما تزال قوى العدوان تحشد المزيد من المرتزقة المحليين والأجانب إلى الخوخة والمخا وأطراف الحديدة، في ظل استمرار تحليق الطيران الحربي والتجسسي في أجواء الحديدة بالتزامن مع شن المرتزقة زحوفات متقطعة والقيام باستحداثات بالجرافات والمعدات بهدف إعادة التمركز والتموضع، كل ذلك وغريفيث يرى أن الأوضاع في الحديدة تتحسن، متجاهلا الغارات الغادرة التي شنتها طائرات العدوان على الحديدة، رغم خطورتها وانعكاساتها وتداعياتها التي تهدد بنسف اتفاق السويد والعودة إلى مربع الصفر.
بالمختصر المفيد، غريفيث يجسد سياسة الأمم المتحدة المشبعة بالدجل والنفاق والتدليس وعدم تسمية الأسماء بمسمياتها، مهمته واضحة وهو مطالب بالوقوف على حياد دونما انحياز لطرف على حساب آخر، والتعاطي بمسؤولية مع ملف الحديدة، بحيث يتم تحديد الطرف المعرقل والمعيق والمتورط في ارتكاب خروقات لقرار وقف إطلاق النار، فمن العار والفضيحة أن يتم غض الطرف عن قصف الطيران للحديدة، والحصار على الدريهمي، واستمرار احتجاز السفن المحملة بالمشتقات النفطية، وعدم الوفاء بالتعهدات والالتزامات الخاصة بتوريد كافة موارد المنافذ والموانئ لحساب خاص بالمرتبات، رغم مبادرة والتزام الطرف الوطني بذلك وتنفيذه على أرض الواقع، كل ذلك يجعل غريفيث والأمم المتحدة والبعثة الأممية أمام المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية، لعدم قيامهم بالمهام والمسؤوليات المنوطة بهم على الوجه الأمثل دونما انحياز أو تعصب أو تجاهل لما يحصل على الأرض، وعلى الطرف الوطني أن يواصل الضغط على الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن لتصحيح مسارها والإقلاع عن انحيازها لقوى العدوان، وتجاهلها للخروقات والانتهاكات التي تمارس يوميا، لتفادي الفشل الذريع لها في تحقيق السلام في اليمن، إذا ما كانت جادة في ذلك.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.