كلما أمعن النظام السعودي وتحالف العدوان في عنجهيته، وتطاول في غيه، أغلق على نفسه دائرة الحِلم، وأسرع بها إلى هاوية السقوط .. وسيجد أن كل أعماله الهمجية صارت يداً عملاقة تخنقه، فلا يستطيع الفكاك منها.
لم يندمل جرح اليمن بفاجعة الطفلة (بثينة)، حتى طال عشرات الأطفال مثل بثينة، يمثل كل منهم الناجي الوحيد من أسرة قضت بالكامل، نتيجة الحقد الأسود لطيران العدوان، وجنونه الهستيري.
موجات التسونامي العديدة لقصف المدنيين لا تعبر إلا عن فقر كبير في بنك أهداف العدوان، يعوضه بقصف المدنيين، والمهم أن عجلة شراء الأسلحة من الأمريكان لا تزال تدور، وذلك سيرضي السادة الأمريكان، ولو على حساب إنسانية وشرف من لا شرف لهم من الأعراب ولا إنسانية، خاصة ودماءُ الطفولة تخضب لحاهم بالعار الأسود – لو كانوا يدركون بعض الأعراف – فقد خبطتهم جاهلية أعظم مما خبطت أجدادهم من كفار قريش.
يوم عالمي للطفولة، وطفولة اليمن المنتهكة والمقتولة والميتّمة تشكل الغالبية العظمى من “معاناة الأطفال عالمياً بسبب الحروب” في الوقت الراهن على الأقل .. ورغم ذلك تستخدم، كعناوين فقط، في اجتماعات المنظمات، وكعناوين لمقالات وتقارير صحفية وتلفزيونية، دون أن يتخذ إجراء واحد لإيقاف حرب تجاوزت أيامها 1700 يوم، سقط خلالها أكثر من 7500 طفل يمني بين قتيل وجريح – وفق تقارير وإحصاءات رسمية ومعترف بها دولياً ..
1700 يوم عانى خلالها البقية الباقية من أطفال اليمن – من الحرب والحصار – معاناة لا يتحمل أدناها وطأةً، أشدُّ أطفالهم جَلَداً، وأصلبُهم عوداً، ولكنهم برغم ذلك يُطعمون أطفالهم من الأموال التي يستلمونها كمكافآت وأجور لحضورهم تلك الاجتماعات، وكتاباتهم تلك التقارير، والاكتفاء بها، بمعنى أنهم يطعمون أطفالهم لحوم أطفال اليمن.
المنظمات (اللا إنسانية) تتغذى على دماء أطفال اليمن ومعاناتهم، فموظفوها يتسلمون الرواتب الطائلة، ويعيشون كالملوك في أوساط يتآكلها الفقر والجوع والمرض بسبب قصف الطيران الذي يستهدف – بإصرار وترصد – المدنيين في بيوتهم ومزارعهم وفي سياراتهم وشاحناتهم، وبسبب الحصار الذي خنق كل معنىً للحياة، فأصبح كل حلم بالكفاف كهشيم تذروه الرياح .. وهؤلاء مندوبو المنظمات التي تعمل في اليمن لا يخرجون المساعدات العينية إلا وقد تآكلها العفن، ويشهدون بأنفسهم عمليات إتلافها بعد أن فسدت وخرجت عن صلاحية الاستهلاك البشري، وما تأخرت في مخازنهم إلا – ربما – بعدما كسدت.
10 % فقط من المنح المالية تصل مبعثرة هنا وهناك، وفق عمل ( إبن مِهرة ولا مُتَعلِّمْ سنة ) لكي تضيع التسعين 90 % منها في نفقات أخرى، خاصة والأجانب يعرفون خطر التنقل في أجواء الحرب، وبدل مخاطر، ومصاريف نقل، ونفقات تشغيلية، …، و هَلُمَّ جَرَّا …،
وضاعت فلوسك يا صابر، وضاعت الطفولة في دهاليز الأروقة، وضاعت المسؤولية في ( أوراق البنك نوت )، وخاصة بالعملة الأجنبية، ( الدولاااار ) وما أدراك ما الدولار.
الدولار أن تَمُرَّ بأكياس بلاستيكية بيضاء ناصعة البياض ( غير شفافة طبعاً ) مليئةً بالهامبورجر والكنتاكي ولحوم محمرة شيبانية الطهو، وأشياء (راااقية) أخرى، تشتريها من أرقى سوبر ماركت في الحي أو الشارع المقابل، وتمر بذلك كله أمام أعين أسرة تفترش الشارع بأطفالها في فصل البرد وبين المطر الذي يرعد الأطراف، دون أن يَرِفَّ لك طَرْفٌ، أو تنتبه إليهم بِطَرَفْ، بل تَعْبُرُ في تَباهٍ، وكأنك أنجزتَ ( مالم تستطعهُ الأوائلُ )، بينما هذه الدولارات وهذه المؤن التي في الأكياس كانت تخص أفراد هذه الأسرة، أنت سرقتها منهم، وتمر من أمامهم منتفشاً كبالون يوشك أن ينفجر.
الدولار أن تبيع الطفولة، أن تأكل على حساب شرفك وكرامتك وأمتك، أن تبيع كل مُقَدَّسٍ مقابل متعة زائلة، ولعناتٍ أبدية، ولا شيء في الحالتين، سوى الخسران… الخسران المبين.