وافق مجلس الأمن بالإجماع على تمديد فترة عمل البعثة الأممية في الحديدة لستة أشهر قادمة ، هذا التمديد الذي يندرج في سياق حرص الأمم المتحدة على الحصول على المزيد من المكاسب والأرباح المادية تحت شماعة الإسهام في خلق توافق سياسي على حل الأزمة اليمنية وعلى وجه الخصوص ملف الحديدة ، هذا الملف الذي مضى على التفاوض والتشاور والنقاش حوله أكثر من عام والذي توج باتفاق السويد الذي رسم الخطوط العريضة لحلحلة ملف الحديدة وملف الأسرى والملف الاقتصادي .
أكثر من عام على اتفاق السويد ، وما تزال الأمم المتحدة تواصل ( دعممتها) وتحركاتها ( السلحفائية) التي ظلت وما تزال سيد الموقف فيما يتعلق بالدور الأممي والمهام المنجزة على مدار العام ، تغيّر رئيس البعثة ، وتم استبداله بآخر وقلنا (عساها تنجلي) ولكن الأوضاع في الحديدة لم تتغير ، والخروقات ما تزال مستمرة والتحشيد متواصل على قدم وساق ، رغم أن مضامين اتفاق السويد واضحة ومعلومة ، ولا تحتاج سوى إرادة أممية صادقة ومخلصة تعمل على تطبيقها على أرض الواقع ، إرادة قوية غير منحازة تعمل بمبدأ الحياد وعدم الانحياز ، تشرف على تنفيذ الاتفاق ، وتسمي الطرف المعرقل وغير الملتزم بالتنفيذ بشفافية مطلقة ، دون أي مداهنة أو مجاملة ، كون ذلك سيعجل بتنفيذ الاتفاق وتطبيقه ميدانيا .
أما أن تظل الأمم المتحدة معتمدة على سياستها الراهنة في تعاطيها مع اتفاق السويد ، وتتعامل مع الأزمة اليمنية على أنها فرصة لجني الأرباح والحصول على الفوائد وكأنها أشبه بالمشروع الاستثماري الذي تقتات منه ، غير آبهة بتداعياتها وانعكاساتها على الحياة المعيشية والاقتصاد الوطني لقرابة 30مليون نسمة من اليمنيين واليمنيات الذين يتعرضون لعدوان غاشم وحصار جائر شارف على انقضاء العام الخامس ، بلا مرتبات وفي ظل قيود ظالمة وتعسفية على دخول المواد الأساسية والاستهلاكية عبر ميناء الحديدة ، على مرأى ومسمع الأمم المتحدة وبعثتها الأممية ، التي تتفرج على هذا الوضع الكارثي ، كما تتفرج على قيام قوى العدوان وحكومة المرتزقة بنهب الثروات النفطية والاستئثار بمبيعات الغاز وعائدات الموانئ والمنافذ البرية والبحرية والجوية الواقعة تحت سيطرة المرتزقة وأسيادهم ، في حين كان الأحرى أن تذهب هذه الموارد لمعالجة ملف المرتبات الذي كان ضمن الملفات الاقتصادية التي تطرَّق اليها اتفاق السويد ، واجتماعات اللجنة الاقتصادية في العاصمة الأردنية عمان ، ولا نعلم ما الذي تنتظره الأمم المتحدة وبعثتها حتى تتحرك وتقوم بمهامها الموكلة إليها ؟!!
تمديد ينقضي ، ويعقبه تمديد جديد للبعثة الأممية ، وزيارة تلو أخرى يقوم بها المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى صنعاء ، وكل ذلك يترتب عليه الكثير من الأعباء المالية والتي تقوم الأمم المتحدة بدفعها من المساعدات التي تجبيها تحت (يافطة مساعدة الشعب اليمني وتحقيق السلام في اليمن) وفي المحصلة لا الشعب اليمني لمس الخير من الأمم المتحدة ولا مساعدات ، ولا السلام عرف له طريقا في اليمن في ظل السياسة الكسيحة التي عليها الأمم المتحدة ، السياسة القائمة على النفعية والمصالح المادية ، والتوجهات الأمريكية ، والتي لا ترى في تحقيق السلام في اليمن وايقاف العدوان ورفع الحصار مصلحة لها ، كون مصالحها لا تتحقق إلا في ظل استمرار العدوان والحصار .
بالمختصر المفيد، اتفاق السويد يحتاج من الأمم المتحدة تفعيل ضميرها الميت ، والتحرك بمسؤولية إنسانية قبل أن تكون دولية لتنفيذه دون القبول بأية مماطلة أو تسويف أو تلكؤ من أي طرف كان ، والعمل على مكاشفة المجتمع الدولي والرأي العام بتسمية الطرف المعرقل والمعيق بحيادية وشفافية مطلقة ، فقد زاد الطين بلة ، وطال الصبر على خروقات وانتهاكات المرتزقة في الحديدة ، وتفاقمت أوضاع الموظفين جراء عدم صرف المرتبات ، وزادت معاناة الأسرى وذويهم جراء عرقلة المرتزقة تنفيذ عملية التبادل الشاملة لكافة الأسرى ، وإذا لم نلمس خطوات متقدمة للأمم المتحدة وبعثتها في هذا الجانب فما جدوى تواجدها في الحديدة ؟!! وما الذي سيستفيده الوطن والمواطن من وراء التمديد لها وخصوصا أنها تمدد وتمدد ولا تبالي ؟!!!
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .