لم تكتفِ الجمهورية الإسلامية في إيران بالرد السريع والعاجل على واشنطن باستهداف قاعدتين عسكريتين تستخدمهما القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي في «عين الأسد» بالأنبار وفي أربيل بإقليم كردستان، بل هدد الحرس الثوري بتوسيع نطاق ضرباته لتشمل الإمارات و«إسرائيل» والقواعد الأمريكية بالمنطقة في حال ردت واشنطن عسكرياً.
لن ينتظر أحد من الإدارة الأمريكية أن تعترف بحجم خسائرها، وقد بدا واضحاً سعيها للتهوين من الضرر الناجم عن الصواريخ الإيرانية، ولم يكن غريباً ما صرح به ترامب بعدم وجود خسائر بشرية أو أي إصابات، على الرغم من المعلومات المتطابقة عن نقل المصابين جراء العملية إلى مستشفيات في تل أبيب وعمان الأردن وأحد مستشفيات بغداد.
الأمر لم يعد متعلقاً بحجم الاضرار المادية أو البشرية أمام العملية بحد ذاتها، فالجمهورية الإيرانية أول دولة إسلامية تتجرأ على ضرب قواعد عسكرية أمريكية بشكل علني، وتكسر شوكة الغطرسة الأمريكية، وتمرغ الاستكبار الأمريكي في التراب، وبحسب ما ذهب إليه قائد قوة الجوفضاء للحرس الثوري الإسلامي العميد أمير علي حاجي زادة، فإن استهداف قاعدة «عين الأسد» هي الخطوة الأولى من القصاص لإخراج القوات الأمريكية من المنطقة، مشدداً على أن اغتيال الشهيد قاسم سليماني سيحدث تسونامي في المنطقة، وسيجرف كل القواعد الأمريكية فيها.
كان بإمكان الحرس الثوري استهداف مكان وجود الجنود الأمريكيين في القاعدة، وتنفيذ مجزرة ومحرقة بحقهم، لكن ذلك لم يكن الهدف، بل كان تدمير غرفة مركز القيادة في القاعدة، وإيصال رسالة لترامب مفادها أن قواتك وجيوشك المتواجدة في منطقتنا في خطر، وأن الهيبة التي صنعتها الولايات المتحدة الأمريكية لنفسها قد كسرت على الرغم من الخسارة الفادحة للأمة برحيل هؤلاء الأبطال، إلا أن دماء القائد المجاهد اللواء قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس، كانت ضربة موجعة لواشنطن، وبداية للعد التنازلي لهزيمة الصهيوأمريكية في الشرق الأوسط، والرد الأمريكي كان رداً على طريقة الخنوع والانهزام، فأمام العزة والكرامة والإرادة والقدرة، لا تجيد الولايات المتحدة خوض حرب، فهيبة الردع الأمريكية قد تضعضعت.
عندما خاضت أمريكا حروبها في كل دول العالم، لم تكن بحاجة إلى مبررات، وفي كثير من الأحيان كانت هي التي يختلق الذرائع لشن هجومها أو حربها على الدول، وهي تعتبر نفسها إمبراطورية متغطرسة، واليوم أمام سلاح المقاومة والردع الإيراني تقف الدولة المتغطرسة ذليلة صاغرة عاجزة عن الرد، وتتراجع عشرات الخطوات إلى الوراء.
والسؤال الأهم: هل ماتزال واشنطن قادرة على حماية حلفائها الخليجيين الذين تنهب أموالهم، وهي بالأساس لم تستطع أن تحمي قواعدها العسكرية؟!