بعد حسم المواجهات في الجوف بتطهير مدينة الحزم عاصمة المحافظة من دنس مرتزقة السعودية بقيادة المرتزق أمين العكيمي والذي جاء بعد أن رفض العكيمي وقيادات حزب الإصلاح جهود الوساطة التي قادها عدد من المشائخ وكانت تهدف إلى تطبيع الأوضاع في الجوف وتجنيبها ويلات الصراع والمواجهات المسلحة مقابل العودة إلى حضن الوطن وإعلان التحرِّر من التبعية والولاء والعمالة للسعودية ، ودفعت بهم السعودية إلى المضي في المواجهة وعدم الانصياع لصوت العقل والحكمة ، فساقوا أنفسهم نحو درب الهلاك ، وأقحموا أنفسهم في ورطة كبيرة ، لم يجدوا معها من خيار سوى الهرب صوب مارب ، بعد أن خيَّب الله آمالهم ، وأفشل مخططاتهم ، فجرُّوا أذيال الهزيمة والعار ، بعد أن منحتهم القيادة الثورية الفرصة لمغادرة الجوف في سياق وساطة قبلية مشروطة ، سرعان ما نكث المرتزق العكيمي بمضامينها فور وصوله إلى مارب ، ولا غرابة فالغدر ونكث العهود والمواثيق ديدنهم وسلوكهم ونهجهم ، لا يختلفون كثيرا عن اليهود ، الغاية عندهم تبرِّر الوسيلة.
درس العكيمي وحزب الإصلاح في الجوف كنا نظن بأنه سيكون له أثره لدى سلطان العرادة وقيادات الإصلاح في مارب ، وأنه سيعمل العرادة على تفادي ما وقع فيه العكيمي ، ويعمل على تجنيب مارب الخراب والدمار وسفك الدماء وإزهاق الأرواح ، من خلال التعاطي بمسؤولية مع الوساطة القبلية ، حيث أظهر العرادة حالة من المرونة مع الوساطة ولكن سرعان ما صدرت التوجيهات والأوامر السعودية بعدم القبول بالوساطة وإعلان رفضها ، والذهاب نحو المواجهة غير مكترثة بالتداعيات والخسائر والأضرار التي قد تترتب على ذلك.
الغباء الإصلاحي المتبلِّد المخلوط والممزوج بالكراهية تجاه أنصار الله ، دفع بهم نحو السقوط المدوي ، السقوط الذي سيدفع حزب الإصلاح ثمنه غاليا ، وقد يتسبب في إلحاق أضرار كبيرة في البنية التحتية وثروات ومقدرات الوطن التي تحتضنها محافظة مارب ، خصوصا أننا ندرك جميعا مدى الحقد والكره السعودي تجاه اليمن واليمنيين ، الحقد على كل ما هو جميل ، الحقد الذي يستهدف الثروة النفطية ، التي لا يستبعد أن تقوم السعودية باستهدافها من أجل تحميل الجيش واللجان الشعبية مسؤولية ذلك ، وهذا ما يخططون له منذ البداية ، وعلى العرادة وقيادات الإصلاح في مارب أن يدركوا أن استقدام العناصر والجماعات التكفيرية والمليشيات الإجرامية المتطرفة التي وصلت مارب قادمة من شبوة وأبين والبيضاء وحضرموت ، لن يكون في صالحهم على الإطلاق ، وهؤلاء سيكونون أحد أسباب النصر وتطهير مارب من دنسهم ، والعودة بها إلى أحضان الوطن ، العودة التي ستعود بها الكهرباء والنفط والغاز وتفتح بها الطرقات وتنتهي بها كافة مظاهر الاستغلال والاحتكار وحرب الأزمات التي تديرها مافيا الفساد والاستغلال في مارب.
بالمختصر المفيد، معركة مارب لن تختلف عن معركة الجوف ، ومهما حشد حزب الإصلاح من مرتزقة ، ومهما جلب من عدد وعتاد ، فإن المحصلة هي الخسارة والهزيمة لا محالة ، فدولة الباطل إلى زوال ، وإرادة الله ومشيئته وتأييده وتوفيقه للجيش واللجان الشعبية ، هي عوامل هذا النصر المرتقب ، ولن يحصد الإصلاح من وراء هذه المغامرة الخاسرة غير الخيبة والهزيمة والعار الذي سيظل يلاحقه عبر الأجيال المتعاقبة ، الفرصة ما تزال مواتية لحزب الإصلاح والعرادة لتجنيب مارب الخراب والدمار والحفاظ على ما تبقى لهم من قواعد وأنصار ، وعليهم أن يراجعوا حساباتهم ، ويعملوا على التعاطي مع الوضع من منظور وطني ، وأن يغلبوا المصالح العامة على المصالح الشخصية والحزبية الضيقة.. هي نصيحة نقدمها لهم لتفادي ما يمكن تفاديه ، قبل أن يقع الفأس على الرأس ، وقبل أن يجدوا أنفسهم بلا مأوى ، لن تنفعهم السعودية وإن تظاهرت بخلاف ذلك.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.