حال المحافظات الجنوبية في عيد الفطر المبارك ، لم يختلف كثيرا عن حالها المزري والمحزن في ظل سياسة الغزاة والمحتلين وأدواتهم العميلة الرخيصة التي امتهنت العمالة والخيانة والارتزاق ، وصارت عونا لهم على بلدهم وأبناء شعبهم ، الجنوب يغلي في العيد ، الجنوب على فوهة بركان هائج ، الجنوب يتجه نحو القتل والخراب والدمار ، والذهاب نحو حرب أهلية يغذيها السعودي والإماراتي وحصادها الأبرياء والمخدوعون والمغرر بهم الذين يدفعون ثمن خيانة وعمالة قياداتهم.
بهذه العبارات يمكن تلخيص المشهد الجنوبي اليمني العيدي اليوم ، ففي الوقت الذي كانت التوقعات تشير إلى حالة من التقارب والتوافق بين مرتزقة وأدوات المحتل السعودي من جهة ومرتزقة وأدوات المحتل الإماراتي من جهة أخرى ، للذهاب نحو التفاهم وتطبيع الأوضاع والتزام العملاء الجنوبيين بتنفيذ ما يسمى باتفاق الرياض ، عقب دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للأطراف المتصارعة في الجنوب اليمني للشروع في تنفيذ هذا الاتفاق الذي رعته السعودية والإمارات بإشراف أممي ، فشلت كل هذه المحاولات غير الجادة ، وخصوصا من قبل السعودية والإمارات ، واللتين تعملان على صب الزيت على النار في الجنوب ، بهدف تفجير الأوضاع ودخول أدواتهما هناك في صراعات دموية لا أول لها ولا آخر تفضي إلى تمكينهما من تقاسم الجنوب وخيراته والهيمنة على مقدراته وموقعه الإستراتيجي.
وكنتيجة طبيعية للتصعيد المتبادل بين الطرفين وعمليات التحشيد للقوات من الجانبين , وفي ظل التصعيد والتأجيج الإعلامي والرغبة السعودية والإماراتية في تحويل الجنوب إلى ساحة حرب والخلاص من أدواتهما هناك ، انفجرت الأوضاع في شبوة وأبين وعدن ، ولحج وسقطرى ، وما يزال التوتر سائدا في المهرة وحضرموت ، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين مليشيات الإصلاح ومليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي في زنجبار وشقرة بمحافظة أبين وسط اتساع لرقعة المواجهات على مستوى المحافظة وبحسب مصادر محلية فقد تمكنت مليشيات الإصلاح من التقدم على خلفية عدم جاهزية المدرعات التابعة للانتقالي والتي دفعت بالأخير إلى سحب أحد ألويته بعد أن خسر العديد من عناصره بين قتيل وجريح وسقوط بعضهم أسرى علاوة على خسارته لعشرات المدرعات التي اغتنمتها مليشيات الإصلاح.
تطورات الأحداث في أبين جاءت متزامنة مع تطورات مماثلة في شبوة عقب ظهور المرتزق عيدروس الزبيدي رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات من مقر إقامته في أبو ظبي، داعيا إلى إعلان النفير العام ضد مليشيات الإصلاح ومخاطبته لأبناء الجنوب في كلمة متلفزة إلى حمل السلاح لمحاربة من أسماهم غزاة الأمس والدفاع عن هويتهم ودولتهم الجنوبية حد تعبيره ، في الوقت الذي تواصل فيه فضائيات الإصلاح حملات التعبئة والتحريض ضد الانتقالي الجنوبي ، بالتزامن مع استمرار توافد مليشيات الإصلاح على محافظتي شبوة وأبين قادمة من مارب والبيضاء وتعز بهدف تعزيز قواته ، وهو ما ينذر باتساع رقعة المواجهات بين المتصارعين وانعكاسات ذلك على حالة السلم الاجتماعي والتداعيات الكارثية المترتبة على ذلك ، في ظل ما تشهده مناطق المواجهات في أبين وشبوة من حملة نزوح واسعة للأهالي حفاظا على أرواحهم بعد وصول تعزيزات كبيرة للجانبين وهو ما ينذر بكارثة إنسانية كبرى ستضاعف من معاناة المواطنين وخصوصا في ظل انتشار الأمراض والأوبئة وافتقار المنشآت الطبية للتجهيزات والإمكانيات الطبية والعلاجية اللازمة لمواجهة مثل هذه الظروف.
بالمختصر المفيد، العيد في الجنوب جحيم وعذاب ، في ظل تدهور متسارع للأوضاع في مختلف الجوانب وعلى مختلف الأصعدة ، وهو ما دفع بعدد من الناشطين الجنوبيين إلى إطلاق حملة إعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي يطالبون من خلالها السعودية والإمارات إلى اللعب بالنار بعيدا عن الجنوب ، وأخذ أدواتهم وأذرعهم في الجنوب معهم ، فالجنوب لا يحتمل مراهقاتهم الصبيانية ، وتصرفاتهم الرعناء ، ومشاريعهم الخسيسة ، داعين الأمم المتحدة إلى الوقوف بحزم تجاه الانتهاكات السعودية والإماراتية للسيادة الجنوبية والعمل على تجنيب المحافظات الجنوبية الانزلاق في دوامة العنف والفوضى ، وهو تحرك إيجابي نأمل أن يرافقه تحرك شعبي جماهيري مساند لتعود البسمة والفرحة إلى عدن خاصة والجنوب عامة ، فمن العار القبول بهذا الوضع المزري ، والحال البائس في ظل سطوة الغزاة والمحتلين ومرتزقتهم ، أعداء الجنوب خاصة واليمن عامة.
عيدكم مبارك وعاشق النبي يصلي عليه وآله.