تفرّست مألوما في وجه قبائل اليمن الخاضعة لقوى الغزو والاحتلال السعوصهيوإماراتي، محزونا مما حل بها من أسباب الضعف والهزال، مغموماً مما وقع بها من دواعي العجز والخضوع.. فلق الحزن كبدي، وفتّ الألم عضدي، واضطربت أعصابي، وتفككت أوصالي من هول ما حاق بها من الذل والهوان، وما تردت أحوالها وأوضاعها من قهر وظلم وطغيان وارتزاق وعمالة وإجرام، تبدلت عقول أبنائها فصاروا من الفهم والتمييز في ساحة قاصية، ومن العقل والتدبير في وهدة دانية..
فقدوا العقل والحكمة، باعوا الضمير والإنسانية، باعوا القبيلة والشهامة والكرامة والمروءة بحفنة من المال المدنس، وسلكوا مسالك الوهن والتفكك والعلة، تخاطبهم فما تشك بإزائهم أنك أمام قوم حرموا نعمة العقل يُقتل منهم من أبناء جلدتهم (بإيعاز من قوى الغزو والاحتلال) النساء والأطفال، الكبار والصغار، يروَّع الأطفال، تنتهك الحرمات والأعراض، تُحرق البيوت، تُنهب الأموال على المستضعفين الذين لاحول لهم ولا قوة، يُسحل الشباب والشيبان، ولا يتحرك ساكن، بل يأتي ساعة القتل لحظة الجرائم وحرق المنازل من يبررها وكأن شيئا لم يكن، يا لها من مأساة محزنة تدمي من هولها القلوب والمآقي، يا لها من حسرة ﻻ يقوم لها بكاء الدهر الطويل، لو لم يكن هناك حق وباطل ولا شيء من دين، فإن عاداتنا وتقاليدنا القبلية ترفض قتل المواطنين في مساكنهم وهم آمنون وبدون ذنب مهما اختلفوا مع الآخرين في الانتماء، فأين ذهبت الحمية والقبيلة والشهامة والكرامة والغيرة، وأين ذهب أهلها؟
وديننا يا قومنا يقول: «إن هدم الكعبة حجرا حجراً أهون عند الله من إزهاق دم امرئٍ مسلم بغير حق»، وأنتم يا أهل القبيلة تصمتون.. تسكتون بل يأتي منكم من يبرر للجاني الجريمة، أنتم يا أهل الإيمان والحكمة، يا رعاة الدين سابقا، أنتم يا أهل المواقف، والتعويل عليكم أكثر يا قوم سبأ أولو القوة والبأس الشديد، يُقتل أبناؤكم مشائخكم رجالكم، تُسجن وتنتهك أعراض نسائكم، وتستباح حرمات الله في أرضكم من قبل حزب الإصلاح التكفيري وجماعاته الداعشية، وأنتم كأنكم ميتون، وبعض أبنائكم يهتفون للغزاة المحتلين.. لقوى الطاغوت الداعشية، ويقاتلون إلى جانبهم، فكونوا كما عهدناكم على مر الزمن رجالاً، أهل صولة وجولة، أهل للشهامة والقبيلة، ثوروا لأعراضكم، لحرماتكم، لدمائكم لا أقل، لا أكثر .
اختلفوا مع الأنصار كيفما شئتم.. فكرياً.. عقائدياً.. دينياً.. قبلياً؛ لكن كونوا أحراراً في دنياكم.. ارفضوا الظلم والطغيان.. أوقفوا القتل الممنهج الذي ترتكبه القوى القاعدية الداعشية في مناطقكم، واعلموا أن الآخرين يختلفون مع الأنصار في مناطق سيطرتهم، والبعض منهم يمارس الخيانة ويؤيد الغزاة، ومع ذلك لا يعترضونه، لا يقتلونه، لا ينهبون أمواله ويروعون أطفاله، وأن أمنكم وعزتكم وكرامتكم وحريتكم واستقلالكم مرهون بطرد الغزاة المحتلين ومرتزقة وجماعات القوى التكفيرية التي تقطن بلادكم، والعاقبة للمتقين.