( وإن تطيعوه تهتدوا )تحت هذا الشعار احتفل اليمنيون بذكرى المولد النبوي الشريف للعام 1434في أجواء إيمانية مشبعة بالزخم الثوري الذي كان طاغيا على المشهد اليمني ، فعلى الرغم من حالة عدم الاستقرار التي كانت سائدة إلا أن الرسول الأعظم ظل حاضرا في وجدان أهل الحكمة والإيمان ، من خلال إحياء مناسبة المولد النبوي تحت هذا الشعار القرآني الهام ( وإن تطيعوه تهتدوا ) والذي يمثل قاعدة النجاح والتميز والفوز بخير الدنيا ونعيم الآخرة.
فالهداية والتوفيق مرتبطة بطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبدون ذلك تسقط الأمة في مستنقعات الانحرافات والضلالات وتسود الفوضى وتغرق في التيه والسقوط المتعدد الأشكال والأوجه ، شاهدنا ذلك عقب وفاة رسول الله عندما تم تجاهل الخطوط العريضة التي رسمها للأمة خلال عودته من حجة الوداع في منطقة غدير خم ، وبهذه المخالفة بدأ الانحراف عن المسار المحمدي ، الانحراف الذي قاد إلى التعدي على القيم والثوابت الدينية التي أوصلت أمثال معاوية بن أبي سفيان ونجله السكير يزيد ومن تبعهم من الطواغيت والفراعنة إلى تولي خلافة المسلمين ، والتسلط على رقابهم ، لتصل بهم الجرأة إلى قتل آل بيت النبي والتنكيل بهم في مشاهد فظيعة جدا يندى لها جبين الإنسانية جمعاء ، وما تزال تداعيات وإفرازات هذا الانحراف والمخالفة لرسول الله حاضرة حتى اليوم.
فالحال الذي وصلت إليه الأمة اليوم نتاج طبيعي لعدم طاعتنا لرسول الله وانحرافنا عن الخط والمسار الذي رسمه لنا ، قفزنا على سيرته وتعاليمه التي إرساها لنا وجعل منها منهجا لنا ، وسرنا خلف الأنظمة والقوانين الوضعية ، وعملنا على صناعة فراعين وأصنام بشرية ، منحناها الولاء والطاعة العمياء ، غاب مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولم يعد للدين أي أثر في نفوسنا وفي تعاملاتنا ، حتى جوانبنا التعبدية صارت أشبه بالديكورات ومساحيق التجميل ، ابتعدنا كثيرا عن رسول الله ، وعن ما أراده لنا ، فتسلط علينا الأمريكي والإسرائيلي وصارت الأمة غارقة في الصراعات والحروب والفتن والأزمات التي حاول الأعداء تغليفها بالطابع الديني ، وصار الإسلام موسوما بالإرهاب ، وصار المسلمون موسومين بالإرهابيين ، نتيجة هذه الإنحرافات الخطيرة.
صار اليوم الكثير ممن يتصدرون شؤون الإفتاء ، ومن يعتلون منابر المساجد ، يشوهون بصورة الدين ويسيئون إلى رسول الله ويشرعنون لما يخالف هديه وتعاليمه ، لإرضاء الملوك والسلاطين والقادة والزعماء ، وطمعا في عطاياهم ومكرماتهم ، فاختلط الحابل بالنابل ، وتمكن العدو من استغلال هذه الثغرات للتسلل منها ، بعد أن ضربوا نفسيات شريحة واسعة من المسلمين وجعلوهم يلهثون خلف إشباع رغباتهم وشهواتهم بالطرق المشروعة وغير المشروعة ، حتى ظلوا الطريق وصاروا يعيشون حالة من التخبط والعشوائية التي ساقتهم نحو دروب الهلاك والخسران والضياع ، ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف في عداد المفلسين ، الأخسرين أعمالا الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.
بالمختصر المفيد، بالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والسير على خطاه تتحقق لنا الهداية ، وتستقيم لنا الأحوال ، ونحظى بالتوفيق الرباني الذي ينير لنا الدروب ، وما علينا إلا أن نقتفي أثره ونلزم منهجه ونمتثل لطاعته التي هي طاعة لله عزوجل ونسير على هديه ، فهذا هو طريق الأمان ، هذا هو المخرج لنا من كل الأزمات التي تواجهنا ، وبدون ذلك لن نحصد غير الضياع والمعاناة التي لا نهاية لها.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.