«اليمن الاتحادي من 6 أقاليم» من أخطر المفاهيم التي سوقت لها القوى السياسية العميلة خلال الفترة الماضية عن قصد بغاياته التخريبية، وتردد المفهوم بحسن ظن لدى مَن له موقف من النظام شديد المركزية، واعتقد هؤلاء أن مفهوم «اليمن الاتحادي» هو الحل من أجل التوازن ما بين المركز والأطراف، لكن الأمر ليس كذلك، فهذا المفهوم لا يعالج المسألة الإدارية للدولة ولا يحل التناقض ما بين المركز والأطراف، بل يُمهد لتقسيم اليمن.
إن خطورة هذا المفهوم في كونه يُثبت قاعدة سياسية، وهي أن اليمن مقسم في الأصل إلى 6 أقاليم (سواء مقسم على أساس جهوي أو على أساس مذهبي أو على أساس شطري)، فهو يُثبت قاعدة أن اليمن بلد مقسم، وبمعنى آخر أن هناك أكثر من يمن وأكثر من بلد وشعب، وأن هذه الأجزاء دخلت في اتفاقية دولية وشكلت دولة فيدرالية دولة اتحادية، كروسيا الاتحادية على سبيل المثال.
الدولة الاتحادية عادة هي دولة مكونة من أكثر من بلد أو أكثر من عرق ودين تمثل اتحاداً سياسياً، أما بلدنا اليمن فهو واحد ولم يتحد مع دولة أخرى ليُسمى اتحادياً، فمن يدافعون عن هذا المفهوم يُريدون تأصيل تقسيم اليمن ومن ثم إعادة توحيد الأقسام في دولة اتحادية، وهذا مشروع استعماري خطير وليس مسألة إدارية، ومثل هذه المفاهيم يجب أن تكون دقيقة وأن يتم التنبه لها.
إن وضع مفهوم اليمن الاتحادية من 6 أقاليم لا يختلف عن وضع دستور الحاكم العسكري الأمريكي في العراق بول بريمر، فبريمر حين وصف وضع كردستان العراق في الدستور قال بأنها «أرض متنازع عليها»، وهذا المفهوم يؤصل لوجود نزاع ويستدعي أطراف نزاع، مازال هذا المفهوم يمثل مشكلة حتى اليوم في الواقع العراقي، فهو لم يؤد إلى حل المسألة الكردية على أساس عادل، بل أدى إلى فتح إشكالية تنازع عرقية في تلك الجغرافيا الاجتماعية العراقية.
سيصح مفهوم اليمن الاتحادي إذا دخلنا في أشكال اتحادية مع الأقاليم اليمنية تاريخيا كإقليم ظفار أو إقليم جيزان ونجران وعسير، أو مع دولة عُمان أو دويلة الإمارات والبحرين، أو مع إقليم الحجاز ومكة أو القطيف، أما يمن اتحادي بين محافظات الجمهورية اليمنية فهذا سفه سياسي واستخفاف وإدانة للتاريخ النضالي اليمني التوحيدي الاستقلالي الحديث منذ الربع الأول من القرن العشرين.