سألني بسُخرية:
يا أخي لكم ست سنين تحاربوا وتقولوا إن الله معكم والعاقبة لكم، وإن الغلبة والنصر في النهاية ستكون لكم..
ولكن متى يأتيكم نصر الله الذي تنتظرون؟؟
فأعفيتُ نفسي من شرح ما تحقّق من انتصاراتٍ بخيبة وفشل أهداف العدوان وقدرتنا على الردع وقلب المعادلات رغم حجم العدوان والحصار وتفوق أعدائنا ماديا في العدة والعتاد..
وتلوتُ عليه قول الله تعالى:
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم
مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا
حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ
أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ
فلم يقتنعْ وقال:
يا أخي قد احنا يائسين وقانعين..
لو كنتم على الحق لما تأخر النصر كُـلّ هذه الفترة.
فتذكرتُ قولَ الله تعالى:
حَتَّى إذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ، وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ..
طنّن قليلًا.. وأعاد التفكير..
وقال: صح.. بس أمانة أما حجم التضحيات أنه كبير.. والناس قد تعبت يا أخي..
فقلت له: لا نصر إلا بصبر.. ولله في تدبير شؤون عباده أمور لا يقرّرها سواه.. وفي اختبار صبرهم وامتحانهم حكمة وغاية.. ولله الأمر من قبل ومن بعد..
وتلوتُ قولَه جَلَّ شَأنُه:
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ
وقوله تعالى:
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً
وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
وقوله:
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ
قال:
صدق الله.. ولكن أمانة إني حزين على هؤلاء الذين يستشهدون وهم في ربيع أعمارهم.. ومتألم على أُمهاتهم الثكلى..
فقلت له تأمل قول الله سبحانه:
وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ
وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ
وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ
وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
وفي نهاية الحوار
أدركتُ أن الكثيرَ منا لا ينظُرُ إلى الأحداثِ من خلال القرآن الكريم، مما سبّب خللاً كَبيراً في فهم معايير الربح والخسارة.. والنصر والهزيمة.. والفشل والنجاح…
ووصل الحالُ ببعضنا إلى أن يكونوا من الظانين بالله ظَنَّ السوء؛ لشدة نظرتهم المادية المُجَـرّدة.. التي أوصلتهم إلى تفسيرِ كُـلّ ما يدور حولهم من الأحداث بعيدًا عن الله.. وبعيدًا عن ما أمر به من الإيمان أَو كلّفنا به من المسؤوليات..
ولو أعادوا النظرَ إلى الأمور بعين البصيرة.. لوجدوا أنهم ملزمون بما عابوا علينا فعلَه.. ومأمورين بما أنكروا علينا القيام به..
ولما وجدوا لهم من القرآنِ حُجّـةً لهم على ما يقولون ويفترون..
والنصوص القرآنية الصريحة تلقف ما يأفكون.. لكنهم إليها لا يرجعون..
أجارنا الله وإياكم من أن نكونَ من الغافلين أَو المُعْرِضين..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..