أعلنت إسرائيل بكل بجاحة وثقة أنها أصبحت حليفا للأنظمة العربية السنية بقيادة السعودية وتشارك معها في تحالف عسكري – في إشارة إلى تحالف العدوان على اليمن – وهي فضيحة كبرى كنا نتوقعها ونشهد تكون فصولها منذ سنوات ، الجديد أننا لم ولن نسمع أي إنكار أو نفي لا من قبل الأصوات القومية والتقدمية بحسب ما تصف نفسها ، ولا من التيارات الدينية الإخوانية والوهابية والسلفية ، فضلا عن نفي وإنكار الأنظمة العربية المتحالفة مع العدو الإسرائيلي.
إلى وقت قريب كان العداء لإسرائيل مادة دسمة للمزايدة والاسترزاق والنصب والضحك على الناس وتثوير مشاعرهم من قبل الجماعات الدينية التي أبرزها جماعة الإخوان المسلمين والوهابية والسلفية وحتى القاعدة كانت تزايد باسم محاربة اليهود والنصارى ، وفي الوقت ذاته كان العداء لإسرائيل مبدأ ثابتا ومشروعا لدى بعض الأنظمة والتيارات وتجلى ذلك لدى الثورة الإسلامية في إيران وأيضا لدى حزب الله وأخيراً لدى أنصار الله ، فضلا عن أن ذلك ينطبق على غالبية الشعوب العربية والإسلامية،
قد يسأل سائل : لماذا اتهمت الفريق الأول بان عداءه للمزائدة والفريق الثاني شهدت له بان العداء مبدأ ثابت ؟
والإجابة تحتاج منا وقفة سريعة على ماشهدته المنطقة خلال السنوات الماضية منذ 2011م وحتى اليوم، من متغيرات متسارعة وأحداث، كانت قد سبقتها إرهاصات لم تكن واضحة الهدف والتأثير والاتجاه ، وكان محور تلك الإرهاصات والمتغيرات التي حدثت هو الصراع الطائفي الذي كان الهدف منه توجيه بوصلة العداء العربي صوب إيران بدلا عن إسرائيل .
كانت الحروب الست التي شنت على صعدة تهدف للقضاء على أنصار الله ومشروع المسيرة القرآنية الذي أطلقه الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي ، ولأسباب عدة أهمها أن المشروع يقوم على مرتكزات أساسية هي العداء لأمريكا وإسرائيل ومشروعهما الشيطاني والانطلاق أيضا من النهج القرآني بعيدا عن الفرز الطائفي كمنطلق جامع من شأنه أن يوحد الأمة باتجاه مواجهة عدوها الحقيقي إسرائيل وأمريكا والخطر الذي يمثله مشروعهما على الأمة الإسلامية والعربية .
والحرب التي شنتها إسرائيل على جنوب لبنان بالتزامن كانت تهدف إلى القضاء على النموذج الحقيقي للمقاومة الإسلامية القوية التي تعد العدة لمواجهة إسرائيل وتشكل لها هاجسا مقلقا و تدعم المقاومة في فلسطين وتنظم صفوفها وتدعمها بكل الأشكال ، ثم حرب شنتها إسرائيل على غزة وكانت تهدف إلى القضاء على النموذج المقاوم من داخل فلسطين ،حينها كان حزب الله برغم انه شيعي يضع يده بيد المقاومة السنية في فلسطين ويتحالف مع تيارات مسيحية وسنية في لبنان وهذا أيضا يعتبر مشروعا إسلاميا قويا من شأنه أن يوحد الجهود باتجاه العدو الحقيقي إسرائيل وأمريكا ومشروعهما الذي كان يتمثل في تفكيك المنطقة وتقسيمها .
ولاننسى أيضا مقاطعة النظام السوري واستهدافه وعزله لسنوات بهدف ضرب النظام العربي المسلم الوحيد الذي كان يحتضن كل حركات المقاومة والممانعة العربية والإسلامية والقومية التي تواجه إسرائيل بعيدا عن الأبعاد الطائفية والآيديولوجية
كل تلك الإرهاصات التي شهدتها المنطقة كانت ترافقها حملات إعلامية تحمل إيران مسؤولية التدخل في شؤون المنطقة وكان يجري استحضار إيران ودورها في كل مرحلة ومع كل تحرك من هذا النوع ، وتنصيبها عدوا للعالم العربي والإسلامي بدلا عن إسرائيل ، وهو ما يفهم منه أنها كانت بمثابة خطوات في طريق تعبيد الطريق نحو تطبيع الوعي العربي والإسلامي لتقبل إسرائيل كحليف وشريك بل كجزء من المنظومة العربية .
جاءت أحداث 2011م ، لتحدث زلزالا في الوعي والمواقف والاصطفافات ، بما يمكن تسميته الفوضى الخلاقة التي نشهد تداعياتها إلى اليوم ، وأفرزت تدميرا لعدة دول أو لنقل تدميرا للدول الفاعلة والمؤثرة في المنطقة العربية وهي سوريا واليمن ومصر وليبيا والعراق ، وكل ذلك ترافق أيضا بحملات مكثفة لتشبيب العداءات الطائفية وتوجيه البوصلة صوب إيران والصمت عن إسرائيل .
كل تلك التراكمات أنتجت واقعا عربيا هزيلا مشتتا، وجرى خلال تلك الأحداث جر الإخوان المسلمين إلى مستنقعات قذرة جعلتها تدخل في تحالفات وحروب ومآزق الإرهاب وأنتجت داعش والقاعدة وباتت أدوات بيد أدوات أمريكا وإسرائيل ، وكان من الطبيعي أن تجد نفسها في خندق واحد اليوم مع إسرائيل التي تعلن بكل أريحية أنها أصبحت على تحالف مع الدول السنية في المنطقة.
نباهي نحن كيمنيين إننا نحمل المشروع الثابت والمبدئي ضد المشروع الصهيوني الإسرائيلي الأمريكي الشيطاني وأصبحنا نواجهه في الميدان في معركة واضحة ، في الوقت الذي سقطت أقنعة من بنوا كياناتهم على أكذوبة عدائهم لإسرائيل وأصبحوا في المعركة في صفها .