عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
خاطرة بين يدي العيد
فشلُ التحالف في تطويع اليمن
جدلية الصراع بين المسلمين واليهود
الصراعُ بين اليهودية والإسلام
العام العاشر من الصمود
التفاعل مع المستوى الحضاري
اليمنُ والحضورُ الفاعل
البحث عن الامتلاء الحضاري
عن نسيان التاريخ وقبر مصادر الوعي
معركةُ الوجود والكرامة

بحث

  
مدنية الإسلام وضرورات الانتقال
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: سنتين و 9 أشهر و 23 يوماً
الجمعة 25 يونيو-حزيران 2021 09:32 م


ما الذي يحدث اليوم ؟ لماذا يبدو الواقع الإسلامي اليوم ضبابيا ومتوحشا وغابيا، بعد أن عملت فيه الجماعات التابعة للجهات الاستخبارية العالمية على تفكيكه وتشويه صورته المثالية في الأذهان ؟.
إن الجماعات التي تدعي الانتماء إلى الإسلام وتعمل باسمه وتحت رايته هي من يفت في عضده , وهي من تعمل على تقويضه من خلال أخلاق التوحش والغابية والفوضى التي ساد منطقها وتداولها الإعلام منذ مطلع العقد الأول من الألفية, تلك الصورة التي تسيطر بقتامة مشهديتها على العقول اليوم هل تمثل الجوهر الحقيقي للإسلام ؟
نحن نرى أن فقه التمدن في الإسلام , وفكرة الحريات العقائدية , وفكرة التدافع بين الجماعات، سياقات ذات تجذر وعمق في الفكر الثوري الإسلامي الذي قاد مرحلة انتقال من أصعب المراحل ليبدع واقعا اجتماعيا وثقافيا جديدا في عهد الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام، ويوم السقيفة كان سببا مباشرا في كل التنظيرات والتخريجات الشرعية لنظرية الحكم التي تستند إليها الجماعات التي تشوه الإسلام وجل تلك المدخلات الثقافية لا أصل لها في جوهر الإسلام بل فرضتها ضرورة العصبيات وروح الاستبداد في الذات القروية , تلك الروح التي تستند إلى مبرر فساد الخروج واستقرار الدولة هي التي عززت هذه الروح إلى درجة الاعتقاد بجوهريتها في الدين وأصوله وثوابته ومنطلقاته النظرية .
كما أن الهجرة كانت تشكل حالة انتقال من عصبية القرية إلى روح التعايش المدني الذي شكلته يثرب بتعددها الثقافي وبقيم التعايش الذي أسسته صحيفة المدينة وهي وثيقة تنظم العلاقة بين أطياف المجتمع في المدينة من مهاجرين وأنصار وعرب مشركين ويهود، هذه الوثيقة تمثل أول دستور لتأسيس الدولة الإسلامية الجديدة.
معنى ذلك أن الإسلام مدني بطبعه وجوهره التعايش والسلم والتسامح.
والسقيفة شكلت نقطة الانحراف في مدنية الإسلام بالعودة إلى العصبية القروية, وهذه العصبية قادت وأسست كل تشوهات التاريخ الإسلامي بكل مستوياته .
فالتدافع في الإسلام هدفه الجوهري العدل ومنع الاستغلال، فأبعاده النظرية اقتصادية واجتماعية وثقافية وليس هدفه الاستغلال والظلم والاضطهاد والطغيان أو تسلط جماعة على أخرى .
لقد أصبحنا أمام واقع حضاري جديد , ودلت التفاعلات أن الفكر الإسلامي بحاجة إلى حركة تدافع لتحديد المفاهيم الحضارية الجديدة والمستجدة عليه ليكون أكثر ديناميكية مع واقعه , فالتمدن ما يزال يأخذ بعدا نظريا جامدا في تصورات البعض , والتدافع ما يزال يأخذ بعدا نظريا متوحشا عند الكثير , والحريات تأخذ بعدا نظريا إلغائيا إلى حد الفناء عند البعض , والوقوف أمام هذه المصطلحات لتحديد مفاهيمها هو البداية الصحيحة للولوج إلى العصر للتأثير فيه لا التأثر به، وخاصة في اليمن الذي عمل الصراع فيه كما لم يعمل في غيره من البلدان .
ويمكننا القول أنه مع اكتمال دورة الزمن السباعية تكون اليمن قد تجاوزت مرحلة لتبدأ مرحلة جديدة، هذه المرحلة ستكون ذات تغاير وفصل، تغاير عن الماضي القريب الذي تاهت فيه اليمن، وفصل بين زمنين، زمن أمعن في الانحراف التاريخي واستغرق نفسه فيه، وزمن سوف يعمل على تصحيح الانحراف الذي حدث في سقيفة بني ساعدة، ليعيد ترتيب النسق الحضاري والثقافي والتاريخي إلى المجرى الطبيعي الذي دلت إشاراته الأولى ورموزه على تعاضده وتكامله ومن ثم واحديته، فالمشروع الإسلامي بكل قيمه ومبادئه الحضارية والإنسانية والحقوقية لم تكن قريش حاملاً حقيقياً له بل كانت بيئة قروية عشائرية تقوم على قيم العصبية، ولذلك شكلت بيئة طاردة لهذا المشروع وكان الانتقال من القروية إلى المدنية يحمل دلالات كبيرة في الفكر الاجتماعي لم ينتبه إليه أحد، كما أن تمايز التنزيل بين المكي/القروي والمدني يحمل دلالات ثقافية وعقدية لم تُقرأ في سياقها الحقيقي، ومن هنا يمكن أن يُقال إن المشروع الإسلامي الذي جاء لإنقاذ البشرية من دروب الضلال إلى أنوار الهدى وحمله الرسول الأكرم محمد «صلى الله عليه وآله وسلم» كان مشروعاً مدنياً لا يمكنه التناغم إلا مع القيم الحضارية والمدنية التي كانت تمتد إلى حمير ومن حمير إلى الأوس والخزرج «الأنصار»، فالتلازم بين الإسلام كمشروع يحمل الخيرية للبشرية وبين حمير، هو تلازم عضوي حدث في زمن بزوع الإسلام فأبهر العالم المحيط يومذاك، وحين حدث الانحراف من خلال التأسيس له في سقيفة بني ساعدة ومحاولة قريش استعادة دورها الاقتصادي، ومن ثم استعادة المجد والسيادة كما بدا مكتملاً في زمن الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ليبلغ أوج كماله بخروج الإمام علي بن أبي طالب من المعادلة الوجودية السياسية، لتبدأ مرحلة التضليل وصياغة النصوص وتعزيز عوامل الصراع الوجودي وفق منظومة نصية قيمية تماهت قريش مع اليهود فيها لتبدع واقعاً متماهياً مع ماضيها وهو ما اصطلح عليه بالإسرائيليات في ما بعد، ثم كانت الفرق والصراعات كما يتحدث التاريخ، في ظل غياب حقيقي للحامل الحقيقي للمشروع الإسلامي.
وأمام كل تموجات اللحظة تبدو الحاجة إلى عودة الحلقة المفقودة إلى مكانها الطبيعي في المسار من ضرورات اللحظة التاريخية الفاصلة، وتلك الحلقة تحتاج وعياً بها، لا قفزاً على حقيقتها وفق طاقات انفعالية مدمرة , ولعل ما يبدعه أنصار الله اليوم دال على التعاضد والامتداد التاريخي وهو في السياق دال على تلك الضرورة وذلك التلازم , وهو تلازم سيكون له أثر كبير في تصحيح مسار التاريخ وإحداث الانتقال الحقيقي الذي ينشده كل مسلم في عموم المعمورة .

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
محمد حسن زيد
رد إيران.. هل كان قويا أو ضعيفا؟
محمد حسن زيد
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
عبدالعزيز الحزي
الرد الإيراني على الكيان الصهيوني.. تغيير موازين القوى لصالح محور المقاومة
عبدالعزيز الحزي
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
عبدالعزيز البغدادي
ثقافة السلام.. حاجة أم ضرورة؟
عبدالعزيز البغدادي
مقالات ضدّ العدوان
مجيب حفظ الله
صفقة “غوتيريش”..!
مجيب حفظ الله
عبدالرحمن مراد
حقوقُ الإنسان وتضليلُ العالم
عبدالرحمن مراد
يحيى المحطوري
الرهانُ الخاسر
يحيى المحطوري
شارل أبي نادر
هل ينقذ رئيسي السّعوديّةَ من الهيمنة الأميركيّة - الإسرائيليّة؟
شارل أبي نادر
يحيى المحطوري
الكيدُ الضعيف
يحيى المحطوري
نبيل جبل
الفرقُ بين المؤمن الصادق والمسلم المذبذب
نبيل جبل
المزيد