يوم أن سأل الأمين العام السابق للأمم المتحدة عن السبب الذي دفعه لرفع اسم السعودية من قائمة قتلة الأطفال قال أن المملكة ضغطت على الأمم المتحدة مالياً وقامت بالتهديد بإيقاف معوناتها التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين باسم الأمم المتحدة..
أضطر “بان كي مون” يومها لرفع اسم “قتلة الأطفال” من القائمة ودوّت يومها فضحيةٌ أكبر من فضيحة الجرائم نفسها..
أن تهدد بإيقاف المعونات التي تقدمها باسم الإنسانية المزيفة فذاك يؤكد بأنك قاتلٌ بدمٍ باردٍ لا تمانع في قتل من تتظاهر بأنك تمد يدك له على الرغم من أن الإشكالية يومها كانت بين الأمم المتحدة والسعودية ولم تكن مرتبطةً على الإطلاق لا بفلسطين ولا الفلسطينيين..
اليوم دوّت في دهاليز الأمم المتحدة فضيحةٌ بحجمٍ أكبر من تلك الفضيحة عنوانها صفقة تجديد لبقاء الأمين العام في منصبه مقابل إخراج قتلة الأطفال الحقيقيين من قائمة العار لقتلة الأطفال..
من بين ركام الموت والقتل الذي ينشره الكيانين الإسرائيلي والسعودي في كلٍّ من الأراضي المحتلة وبلادنا، تبدو الأمم المتحدة متواطئة في كل جرائم الحرب التي ترتكب بحق المدنيين لاسيما الأطفال..
ما الذي يعنيه أن يرفع اسم هاذين الكيانين المحتلين من قائمة العار لقتلة الأطفال وهم الأولى والأجدر والأحق بأن يبقيا في هذه القائمة إلى أن تقوم الساعة بسبب الحجم المريع لجرائم الحرب التي يرتكبونها بحق أطفال اليمن وفلسطين..
بعد فضيحة الأمين العام السابق بإخراج هذين الكيانين الغاصبين من قائمة العار لفتلة الأطفال توالت الفضائح في عهد الأمين العام الحالي للأمم المتحدة وآخرها فضيحة الأمس ذات الشقين..
الشق الأول تمثل باستبعاد إسرائيل والسعودية من القائمة الأممية لقتلة الأطفال والثانية تمثلت في تجديد الثقة للأمين العام الحالي والمستقبلي البرتغالي “انطونيو غوتيريش” لفترة جديدة مدتها خمس سنواتٍ ملطخةٌ بعار دماء الأطفال الذين أخرج قتلتهم من قائمة العار الأممية لقتلة الأطفال..
تزكية “غوتيريش” لم تأتي بدون مقابل فقد قام بتسليم القائمة الخالية من القتلة الحقيقيين يداً بيد مقابل التجديد له في أعلى منصبٍ في الأمم المتحدة..
الفضيحة الكبرى تمثلت في تزامن صدور قائمة العار الخالية من قتلة الأطفال مع صدور تقرير أمميٌ صادر عن المنظمة ذاتها يؤكد أن دماء أطفال فلسطين ملطخةٌ بأيادي الإسرائيليين الصهاينة..
يقول تقرير الأمم المتحدة الذي أعادت نشره وكالة “رويترز” للأنباء أن القوات الإسرائيلية تقف وراء معظم الانتهاكات ضد الأطفال في عام 2020 في الضفة الغربية وغزة والقدس والداخل الإسرائيلي..
التقرير الأممي ذاته عبّر عن قلق الأمم المتحدة من تزايد أعداد الأطفال الذين يقتلون ويشوهون جراء استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي للذخيرة الحيّة في استهداف هؤلاء الأطفال..
هذا ليس مجرد تناقض بين حيثيات التقرير الأممي الذي يدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب بحق أطفال فلسطين والفضيحة الـ”غوتيريشية” المتمثلة بإخراج إسرائيل من قائمة العار لقتلة الأطفال على الرغم من صدور التقرير السابق في ذات اليوم الذي استبعد فيه أمين عام الأمم المتحدة إسرائيل من القائمة المذكورة..
بدورها انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” عدم إدراج التحالف السعودي الإماراتي وإسرائيل على قائمة الدول المنتهكة لحقوق الأطفال، وقالت مديرة الدفاع عن حقوق الأطفال بالمنظمة الحقوقية الدولية، جو بيكر، إن “غوتيريش أنقذ الأطراف المتحاربة المتورطة في جرائم قتل وتشويه الأطفال من مأزقهم من خلال عدم إدراج إسرائيل والتحالف العربي الذي تقوده السعودية وغيرهم من المنتهكين في قائمة العار”.
أليس من العار أن تصدر تقريراً تقول فيه أن جيش الاحتلال الصهيوني يقتل أطفال فلسطين بالرصاص الحي ثم تخرج إسرائيل من قائمة العار لقتلة الأطفال..
أليس من العار أن تستبعد الرياض وأبوظبي من قائمة العار لقتلة الأطفال على الرغم من أن العام السابع لعاصفة القتل والموت والدمار قد انقضى الربع الأول منه والسعودية والإمارات لا تزالان تشنان حربهما على اليمن وتقتلان أطفاله ورجاله ونساءه وتحاصران شعبه العظيم الصامد والصابر في وجه المشروع الصهيوني الأمريكي الكبير..
من العار أن يتم التجديد للأمين العام للأمم المتحدة لفترة ثانية مقابل استبعاد قتلة الأطفال من قائمة العار لقتلة الأطفال..
هذه هي الصورة الكاملة للنظام العالمي القائم الذي يعكس درجة السقوط الإنساني والأخلاقي التي وصل إليها هؤلاء.
* نقلا عن : السياسية