التقيا صدفة.. لا ندري هل جمعهما الألم أم الأمل أم وحدة المصير…
و دار بينهما هذا الحوار :
أوس: مالي أرى كل هذا الحزن في عينيك يا أخ العرب ما الذي يبكيك..
كنعان: كيف لا أحزن و أنا من وطن خيّم عليه الحزن منذ سنوات طويلة و لم يرضَ مفارقته..
أوس: آه.. كأنّك أصبت الوجع الذي بداخلي.. لكن حزني قريب و من قسوته كأنَّ لهُ عشرات السنين..
أوس: وما الذي أصاب موطنك.؟
كنعان: أصابه ظلمٌ و جور.. إثمٌ.. تعدٍ.. و فجور..
في موطني يحيا الغريب.. و أنا أُطارد كالغريب!
أوس: يالهُ من أمرٍ مريب، و أنا أرادوا لي ذلك.. و الظلم قد خيّم كذلك..
كنعان: في موطني قتلٌ.. دمار.. فقرٌ و تجويعٌ.. حصار..
أوس: وموطني يبكي كذلك من كثر ما حل به..
كنعان :على أرضي تسفك دماء الأبرياء.. في كل حين.. هم يقتلون أهلي كما يشاءون.. و لو رأيت بالصواريخ و الفسفور.. كم يقصفون؟
أوس :على أرضي تجري دماء الأبرياء كأنهار.. في كل ليلٍ و نهار.. و سلِّ السماء كم بكت عليهم و أرسلت دمعها أمطاراً.. في موطني قصفٌ شديد.. بكل أنواع الحديد.. في كل وقتٍ يرتقي مِنَّا شهيد..
كنعان :قصفوا المدارس و المباني.. يا ويحهم كم أعاني!
أوس :في موطني قصفوا المدارس و المساجد.. ودمروا كل المباني.. حتى المشافي لو ترى.. لم يتركوا جسراً ولا حجراً.. حتى القبور منهم تُعاني!
كنعان :حتى عندما يأتي المسعفون.. بعد كل قصفٍ و إجرامٍ لعين….
أوس :أعرف لا تكمل.. يستهدفون المسعفين في كلِّ مرة كلِّ حين..
كنعان :حتى أنهم أحياناً يقومون بالقصف المستمر لمدة شهر أو يزيد..
أوس :أما نحن فهم مستمرون في القصف المستمر منذ عدة أشهر ولا يزالون مستمرين في عدوانهم..
كنعان :كأنَّ عدونا واحد.. لكني أرى عدوك أشدُّ إجراماً و حقدا..!
لكن لتعلم أني أنا لم أستكين.. لا لم أكِل و لن ألين.. وكم ألقنهم دروساً.. وغداً يولون من أرضي ناكسي الرؤوس..
أوس :إني أنا ليث العرين.. أسد الوغى.. آه.. لو ترى كم من جيوش ولوا فراراً مدبرين لما رأوا من قوتي ما يجعل الجبل يلين.. و ينصهر أو وفق أمري يستكين..
كنعان: لكن جرحي أخوتي.. فقد تركوني أواجه الأعداء وحدي.. و لم أرهم بجانبي.. هم خذلوني.. و للأعادي سلموني ..إلا من أسدٍ حرٍ سمعت صدى صراخه حتى تصدع منه كل من بالفناء أرادوني ..
أوس :لكن مشكلتي تفوق الأمر هذا بكثير.. من كنت أظن أنهم أخوتي.. هم من قاتلوني و حاصروني و سلوا سيوف الغدر لكي يذبحوني..!
كنعان :لكنه أمرٌ مشين.. ما هكذا العرب الكرام يفعلون..
أوس :إنهم ليسوا عربا بل أعراب.. وجوههم أشدُّ اسودادا من الغراب و كم تحالفوا لقتلي مع الأغراب..
كنعان :لكني لم أسمع فتوى بها يساندونني.. أو أن يحثوا المسلمين حتى يدركوني..
أوس :لكنهم أصدروا فتوى أباحوا بها دمي و أرضي و كفروني.. و حشدوا بها الجيوش حتى يخضعوني..
كنعان : لكن ما يحرِّقُ قلبي.. أنهم من أولى القبلتين يمنعونني.. كي لا أراها لو ترى كم عذبوني..
أوس :و أنا كذلك يفعلون.. من حجِّ بيت الله يمنعونني و لي فيه ركنٌ و أنا دخلته مع الحبيب فاتحاً.. يوم كانوا للأصنام يعبدون..
كنعان :يالهم من قومٍ مجرمين .. هم عن الإيمان كل البعد بعيدون و عن بيت الله يصدون.. قد قال ربي ما هكذا يفعل إلا الفاسقون..
لكنني لن أترك الأقصى لهم هم واهمون..
أوس :نعم الفتى أنت يا ليث المعارك.. إني لك أؤيد بل أبارك.. و عمَّا قريبٍ سأشارك.. لن تنتهي لظى المعارك حتى أحرر بيت ربي الحرام من كلِّ أثيمٍ و آفك.. و آتيك فاتحاً و ناصراً.. إني أنا من الأنصار.. إني نارٌ و إعصار.. سينجلي هذا الظلام.. و يحل في الدنيا السلام.. سنزيل ببأس الله و بأسنا الصهاينة و المتصهينين.. و نزرع بدمائنا أشجار حريةٍ عبقها كالياسمين..
كنعان :إني من قدومك على يقين.. و إني لك من المنتظرين.. يا ناصر المستضعفين.. يا أيها الأمل الواعد لنصرة هذا الدين و راية النصر المبين..