ببهجة كبرى وحُلَّةٍ أحلى، تستقبلُ قلوبُ اليمنيين ومدنُهم ذكرى المولد النبوي الشريف، بمشهدٍ مبهرٍ لا نجدُ أو نشاهدُ لهُ منافسا في كل شعوبِ وأوطان الأمة، ولا نرى مدناً في كامل الرفاهية ومنتهى الثراء تحتفلُ بهذه المناسبةِ العظيمة كما تفعلُ وتكتسي وتتأنقُ صنعاء وأخواتها المغمورات بغبارِ الحرب وأوجاع الحصار.
تفسيرٌ واحدٌ يبددُ ذهول العقول التي تتساءلُ عن هذا الزخم والاحتفاء والكرنفال المحمدي والحشود اليمانية الضخمة المحتفلة رغم المعاناة وصعوبة الأوضاع الإنسانية؛ إنه الحبُّ اليمانيُّ التاريخي للرسول والإنسانِ الأعظم. إنها علاقةُ العشق الأبدي للنبي الكريم محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.
نحنُ شعبٌ لا نعيشُ هذه المناسبة فحسب، بل نتنفسُها، نستبشرُ بحلولها، ونؤمنُ ببركاتها، كيف لا وفيها وُلِدَ سيدُ الكونين الذي أرسله الله رحمةً للعالمين، وفيها نشعرُ بانشراح الصدور ونجددُ العهد والولاء لنبينا وقائدنا؟!
هذه الاحتفالات التي يقفُ كلُّ صادق ومخلص وحرّ أمامها بإعجاب، ستتسعُ في جغرافيا الأمة وربما العالم، وستُصَدِّرُ صنعاءُ ثقافة الاحتفال بمولد الهادي، وسنرى مدى التأثير والتأثر في نفوس المحبين للرسول الكريم يزدادُ عاماً بعد آخر، لأن هذا التفاعل مع مولد المصطفى نابعٌ من حب يماني حقيقي لهُ نقاءُ وصفاءُ نَفَسِ الرحمن.
ولا غرابةَ أن يكون فرح اليمنيين بهذا الحجم وهذا الجمال، فاليمنيون منذ فجر الإسلام أنصار الله ورسوله. وهذه الصفة مازالت تتجسدُ فيهم قولا وفعلا في كل زمان، وفي هذا الزمن، خصوصا ونحن نشهدُ حالة الذل والمهانة والانحطاط الأخلاقي والإنساني والخضوع المتمثل بالتطبيع مع أعداء الأمة من قبل بعض الأنظمة التي تحركها وتتحكم بها أمريكا، وسط سبات الشعوب التي لا بد من أن تصحو يوما ما، قد يكونُ قريبا.
إنه عيدُ الأعياد، فكيف يكون هذا العشقُ العظيمُ بدعة؟! إنه منطلق التجدد والعمل والتفاني في كل المجالات كي نصل إلى مستوى يليق بأمة محمد. وهو أيضاً معنى القوة التي ترعبُ وتربكُ العدو والحاقد والمتربص. إنه عيدُ الأخلاق العظيمة والانتصارات الكبيرة والتراحم والعزة والصمودِ والكرامة والعدل والحق وصحوة الضمير، وكسر الظلمِ وتبديدِ الظلامِ ونصرة المظلوم. وشكر الله على أجلِّ النِّعَم.
* نقلا عن : لا ميديا