فاز المنتخب اليمني على المنتخب السعودي، في بطولة غرب آسيا، في أرضه وبين جمهوره، وكان فوزاً مستحقاً وضرورياً. كان هذا الفوز بمثابة رسالة للسعودية ولأدواتها من سكان الفنادق ومرتزقتها في الداخل والخارج، مفاد هذه الرسالة أن الشعب اليمني شعبٌ واحدٌ. والعلم اليمني هو علم واحد مهما ضخت السعودية والإمارات من الأموال لتلوين هذا العلم بألوان أخرى.
كنا نحتاج لهذه الفرحة الكبيرة. ولم يكن الشعب اليمني ليفرح بهذا المستوى لو كانت اليمن فازت على منتخب عربي آخر. كانت الفرحة نكاية بالعدو السعودي، فما فعله في اليمن منذ سبع سنوات من العدوان ليس قليلاً.
خرج الشعب اليمني بأكمله إلى الشوارع، وصعدوا إلى السطوح لإطلاق الألعاب النارية والزغاريد والرصاص الحي الذي تسببت رواجعه في قتل وإصابة أناس أبرياء صعدوا إلى سطوح منازلهم لمشاركة الفرحة، فانتهى الحال ببعضهم إلى غرف الإنعاش، وبعضهم إلى قبورهم. وكأن قدر اليمني أن يموت حين يفرح أو حين يحزن!
كنت أتمنى أن نحتفظ بفرحتنا صافية لا يشوبها كدر ولا يعكرها عزاء، وبقدر ما فرحت بقدر ما كرهت هذا الفوز الذي لا يساوي قطرة دم واحدة أريقت بسببه.
يقول البعض إننا بالغنا في إظهار فرحتنا، وأن هذا الأمر يدخل في باب الكبر على السعودية التي تقصفنا بكبرها وأحقادها منذ سبع سنوات.. وهذا ما كانت ستفعله أي دولة فاز منتخبها، فشعوب الأرض في مثل هذه المناسبات يحتفلون بإطلاق الألعاب النارية، لكن مبالغتنا كانت في إطلاق الرصاص الذي كان شبيهاً بالمطر، وكان العدو السعودي أولى بهذا الرصاص.
رصاص كلاشينكوف، ومعدَّل، ورشاشات، ومسدسات، كأننا في حرب مفاجئة، فخرجنا لإطلاق الرصاص عشوائياً دون هدف محدد، مع أننا في الحقيقة كنا نقصف بعضنا البعض دون أن ندري، وقد وصل الجنون بأحدهم أن يفجر قنبلة يدوية في حارتنا ابتهاجاً بفوز المنتخب اليمني!
ألم يسأل أحدهم نفسه وهو يطلق الرصاص: أين ستذهب هذه الطلقات؟ أو يفكر أن هذا الرصاص قد يسقط على رأس طفل أو امرأة، فيردع نفسه ويتوقف عن هذا العبث، وهل كان ضرورياً إن لم تقتلنا صواريخ العدوان أن نقتل أنفسنا؟
حتى وإن لم يُصب أحد بسوء من هذا الراجع، على الأقل سيسقط على الألواح الشمسية وعلى زجاج السيارات، وهذا في حد ذاته عدوان على ممتلكات الآخرين وإرعابهم وتكبيدهم خسائر باهظة في ظل هذا الوضع الاقتصادي.
نام مطلقو الرصاص نوماً هانئاً مأخوذين بنشوة النصر، وفي اليوم التالي شاهدوا في “فيسبوك” وفي التلفزيون صور ضحايا الراجع، ولن تهتز لأحدهم شعرة، أو يشعر بتأنيب ضمير، ولن يفكر أنه ربما تسبب في قتل واحد من هؤلاء الضحايا، وسيقنع نفسه أن رصاصاته لم تصب أحداً.
* نقلا عن : لا ميديا