في ميادين البذل والعطاء وساحات الفداء والتضحية ما يبعث على الاطمئنان في نفوس كل الثوار، ويعزز الثقة لدى كل أحرار اليمن أنهم في الاتجاه الصحيح، وأن معاناتهم وآلامهم لن تذهب أدراج الرياح، وأن الثورة التي جاءت كانعكاس طبيعي لتطلعاتهم وكتعبير حي عن آمالهم وكحقيقة اختزنت بما احتوته من أسس وقامت عليه من مبادئ والتزمته من قيم وتبنته من مواقف ثقافة وتاريخ وأصالة اليمنيين، الذين تجمعهم واحدية الانتماء إلى الهوية الإيمانية بعيداً عن كل الانتماءات الضيقة التي سبق أن جربها الجميع ولم يجنوا منها سوى الهشاشة والضعف والفرقة والجهل والتخلف، لن تموت أو يتم احتواؤها عند نقطة معينة أو ينجح الذين طال عليهم الأمد ممَن هم معدودون ضمن بنيها بالعمل على إفراغها من محتواها إما بتحريف لمضامينها أو بحرف مسارها مهما حاولوا ومهما عملوا من أجل ذلك، لأن هذه الثورة غنية بثقافتها ورجالاتها وعظيمة بمنهجها وخطها وقيادتها، وبالتالي فإنه يستحيل على أي أحد أن يفصلها على مقاسه أو أن يدخلها تحت إبطه.
صحيحٌ أن المراقب للأوضاع الداخلية لاسيما في ما يتعلق بجانب الخدمات العامة التي هي ضمن مسؤولية حكومة «الإنقاذ» إلى جانب محاربة الفساد والمفسدين وكذلك الواقع الثقافي والتعليمي، يصاب بالإحباط، وخصوصاً عندما يكتشف حقيقة أحدٍ هنا أو هناك استطاع تصدر المشهد لفترة لا بأس بها كوجه بارز من وجوه التغيير والإصلاح، وكان دائم الظهور وكثير التحدث إلى الناس عن النزاهة وعبء المسؤولية وتبعات التقصير في إداء حقها، ولكن سرعان ما تصدمك ملفات تحتوي واقع ذلك الشخص الخفي عن الناس والظاهر على عين الله، وفي طيات تلك الملفات بعض من ممارسات ظالمة بحق أشخاص لم يتركوا وسيلة إلا وعملوا بها لأجل إنصافهم، لكنهم لم يصلوا نتيجة قدرة الظالم لهم على سد كل منفذ يتسلل منه بريق أمل في وجوههم، لكن عندما نعي أن كل ذلك لن يدوم طويلاً تتبدد كل تلك الظلمات التي فيها من السواد المتضمن لكل دواعي اليأس وعوامل الإحباط ما يكفي لحجب ضوء الشمس في رابعة النهار، لأن المشاهد القادمة من ميادين رجال الله وساحات تجارتهم معه تقول لنا: إن المقاتل اليوم هو كذلك على درجة عالية من المعرفة ستجعله الحارس الأمين لثورته وصيانة مكتسباتها، ولأن هنالك من القدرات والخبرات والطاقات الواعية والمخلصة ما يوحي بالعد التنازلي لكل تلك الشخصيات التي شاخ إيمانها وضعفت بصيرتها وتكلس وعيها ووهنت قواها، وما انتصار الميدان العسكري إلا الصبح الشارق بشمس البشارة بإزاحة كل العجزة واستبدال ما هو شر بالخير المحض.
* نقلا عن : لا ميديا