من صور الإهمال واللامبالاة الحكومية من قبل السلطات السابقة والتي لا تخلو من التآمر في كثير من الأحيان والتي تطال الثروة السمكية اليمنية هو فتح الباب على مصراعيه أمام القراصنة ومافيا صيد الأسماك من مختلف الدول الطامعة في هذه الثروة ، وعدم القيام بأي إجراءات عقابية رادعة في حقهم وخصوصا في ظل الممارسات الخطيرة التي يقومون بها والتي تتهدد الثروة السمكية والأحياء البحرية في مناطق الصيد داخل المياه الإقليمية اليمنية ، والتي وقفت السلطات والحكومات السابقة عاجزة عن وضع حد لها ، ولا غرابة إذا ما علمنا أن بعض هؤلاء يمارسون هذه الأعمال بضوء أخضر من السلطة مقابل( كميشنات) ومكاسب مادية تصب في جيوب أباطرتها والحيتان الكبيرة داخلها ، وهناك من يتحدث عن شراكة تجمع العديد منهم بشركات وقراصنة من جنسيات مختلفة يعملون في نهب الثروة السمكية اليمنية.
بداية الخطر تكمن في انتهاك السيادة الوطنية اليمنية على المياه الإقليمية وهو ما يخالف القوانين والمواثيق والاتفاقات الدولية ذات الصلة ، ومن ثم القيام بأعمال القرصنة البحرية داخل المياه اليمنية والتعدي على الصيادين اليمنيين ومضايقتهم وصولا إلى اعتقالهم كما هو الحال مع السلطات الإرتيرية التي تمارس الأعمال العدائية بحق الصيادين اليمنيين وتمارس في حقهم صنوف الإذلال والاستعباد على مرأى ومسمع العالم بكل هيئاته ومنظماته ، والأمر هنا لا يقتصر على ارتيريا ، فهناك أعمال قرصنة يمارسها قراصنة على متن سفن من جنسيات مختلفة تمارس خلالها أقذع صور التعسف والانتهاك للسيادة الوطنية والتعدي الفاضح على الثروة السمكية اليمنية ولم نلمس طيلة الفترة الماضية أي معالجات أو حلول حكومية لها ، وزادت وتيرتها عقب شن العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي البريطاني على بلادنا وخصوصا من قبل الكيانين السعودي والإماراتي.
والمشكلة هنا لا تقتصر على القرصنة وانتهاك السيادة فحسب ؛ ولكنها تتعلق بالاستهداف الممنهج للأحياء البحرية في المياه اليمنية من خلال الاعتماد على أساليب وطرق الصيد الغير قانونية، حيث تمارس العديد من السفن الإرتيرية والمصرية والسعودية والإماراتية والصينية وغيرها التي تتواجد داخل المياه الإقليمية اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة قوى العدوان أعمال الجرف البحري خلال قيامها بالاصطياد وهو ما يجرف الأسماك الصغيرة التي تمثل الثروة المستقبلية للبلاد وهو ما يتهدد وجودها مستقبلا ، علاوة على استخدام الألغام البحرية التي يتم تفجيرها في أعماق البحار بهدف الحصول على أكبر كمية من الأسماك وغالبا ما تمارس ذلك السفن الكبيرة التي تقوم بالاصطياد والتعليب والتصنيع والتصدير في وقت واحد وهو ما يتهدد حياة الأحياء البحرية ويحول دون تكاثرها ، وخصوصا إذا ما علمنا بأن هذه السفن العملاقة تقوم برمي المخلفات داخل المياه اليمنية وهو ما يؤدي إلى تلوث البيئة البحرية مما يؤدي إلى هروب الأسماك ونفوق الكثير منها، كل ذلك ولم نلمس أي تحركات أو مواقف جدية تضع نهاية لمثل هذه الممارسات التي تهدد هذه الثروة الوطنية الهامة.
واليوم وفي ظل العدوان الغاشم والحصار الجائر وقيام دول العدوان بقيادة الشيطان الأكبر أمريكا بالهيمنة على أغلب المناطق الساحلية اليمنية والتحكم في نسبة كبيرة من الثروة السمكية واستغلالها لحساباتهم الخاصة ، تعمل القيادة الثورية والسياسية على إيلاء هذا القطاع الهام جل اهتمامها من خلال حثها الحكومة والجهات ذات العلاقة على التركيز عليه ، لما له من أهمية ودور فاعل في رفد الاقتصاد الوطني و تعزيز الأمن الغذائي ، وهناك بوادر إيجابية حكومية في هذا الجانب ، ونتطلع إلى أن تؤتي ثمارها على المدى المنظور ، وهي مهمة لن تكون سهلة في ظل استمرار العدوان والحصار والاحتلال ، ولكنها لن تكون مستحيلة مع توفر الإرادة والعزيمة والنوايا والرغبة الصادقة في تجاوز الصعاب والعراقيل للوصول إلى المرحلة التي تمثل فيها الثروة السمكية اليمنية موردا أساسيا في دعم الاقتصاد الوطني والناتج المحلي والدخل القومي ، وتكون متاحة لكل اليمنيين بأسعار معقولة ومقبولة.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، ووالدينا ووالديكم ، وعاشق النبي يصلي عليه وآله.