أكدت تحركات إيران الأخيرة وسياساتها معنى أن تكون حليفها، ففي الوقت الذي تدخل في مباحثات ومفاوضات مع دول الإقليم ومع دول الهيمنة حول برنامجها النووي، فإنها تتفاوض معهم كدولة لها مصالحها وتتقاطع في مصالح معهم، لكنها في الوقت نفسه لم تفرض خياراتها السياسية على حلفائها في محور المقاومة، على قاعدة: أنتم أدرى بمصالحكم ولستم ملزمين بأن تكونوا تابعين لنا في تسخين أو تبريد التوترات أو تحذوا حذونا. وبينما تذهب إيران في مفاوضات مع السعودية والإمارات من أجل إقامة علاقة طبيعية تقوم على قاعدة المصالح المتبادلة وخفض التوتر، فإنها تؤكد أن الملف اليمني شأن يمني ينبغي أن تتفاوض دول الإقليم مع اليمنيين باعتبارهم أصحاب الشأن الحقيقيين وهم أدرى بمصالحهم.
وفي المقابل ورغم وجود مصالح لها في هذه الدولة أو تلك يمسها الضر بفعل استهدافها بالصواريخ والطيران المسير إلاّ أنها تتفهم ذلك من منطلق فلسفة الدولة الإيرانية الذي يقوم على قاعدة نصرة المظلومين وضرورة دعمهم حتى لو اتخذ هذا الدعم شكل الضرر في مصالحها، وبذلك أثبتت إيران أنها دولة تدعم وتنصر المظلومين بكافة أشكال الدعم، سواءً كان دعماً معنوياً أو مادياً بقدر المتاح والممكن أو كان دعماً من خلال تقبل الضرر الذي يمس مصالحها.
لقد كثر ترديد عبارة «أدوات إيران» من قبل أعداء محور المقاومة، لكن أثبتت الوقائع أن علاقة فصائل محور المقاومة والممانعة بإيران علاقة تحالف، بينما علاقة الفصائل والمليشيات التي أنشأتها دول المنطقة علاقة عمالة وارتزاق وهي أدوات تنفذ أجندات مموليها وتعمل ضد مصالح شعوبها.
وفي مقابلة قناة «العالم» مع سيد المقاومة السيد حسن نصر الله أوضح هذه العلاقة وفند هذه الأطروحات، عندما سأله المذيع عن مهاجمته للسعودية في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات بين إيران والمملكة وبقية دول الإقليم وهناك رغبة إيرانية لتحسين العلاقات معها وتطبيعها، حيث لخص السيد حسن نصرالله بهذا المعنى وعدّه أمراً طبيعياً، لأن إيران تتصرف كدولة لها مصالحها، لكنها مع ذلك لا تلزم بها حلفاءها، لأنها تدرك أن مثلما لها مصالح فإن لحلفائها مصالح، وبالتالي تدعهم يتصرفون وفق مصالحهم ولا تتدخل في تقرير سياسات حلفائها. وبالتالي نحن لسنا ملزمين باقتفاء أثر إيران طالما وهذه الدول تمارس التخريب والفوضى في لبنان وتعتدي على اليمن وتتدخل في شؤون العراق، وعليه فإن فصائل محور المقاومة حليف إيران، وكل فصيل أدرى بشؤونه الداخلية.
وفي المحصلة نحن أمام صورة جلية تمايز بين معنى الحليف ومعنى التابع أو الأداة، حيث تتحرك الأدوات بأوامر مموليها وتأتمر بأمرهم، بينما تحركات الحلفاء تمليها مصالح بلدانهم وشعوبهم. الحليف إرادات حرة وكيانات مستقل وبندقيتها بندقيات دفاع وتحرير واستقلال، بينما الأدوات إرادات مستلبة وكيانات تابعة وبندقيتها للإيجار.
* نقلا عن : لا ميديا