نجح محورُ المقاومة سياسيًّا وَعسكريًّا وَإعلامياً خلال فترةٍ قصيرةٍ في كشف حقيقة الكيان الصهيوني، وَأظهره أوهنَ من بيت العنكبوت، يأتي ذلك بعد عقودٍ من الهالة الإعلامية والحرب النفسية التي جسّمت قوته وَبالغت في تضخيم قدراته، بل وقدمته للشارع العربي بمعيةِ الخونة والعملاء في الداخل العربي كنموذجٍ للدولة التي يفتقدونها في بلدانهم.
وابتداءً من الحرب التي خاضتها المقاومةُ اللبنانية في العام ٢٠٠٦م ونجاحِها الكبيرِ في استعادة الأرض وَفرض معادلة جديدة في المنطقة، إلى جانب إسقاطِها كذبةَ “الجيش الذي لا يُقهر”، تكفلت المراحلُ التاليةُ من الصراع مع هذا الكيان بإظهار المزيد من ملامح الصورة لبنيته الداخلية على كافةِ المستويات.
على الجانبِ الأمني تكشَّفَ للمتابع أن “إسرائيلَ” غيرُ قادرة على حِمايةِ نفسِها دونَ اعتماد على الظروف السياسية المحلية وَالإقليمية وَالدولية المساندة، وبدا أن أمنَها طوالَ العقود الفائتة كان مرهوناً بضماناتِ وَمواقفِ محيطها العربي المتواطئ تجاه القضية والمغيِّب كليًّا للمساندة الفعلية للحق الفلسطيني، وحين تنامى محورُ المقاومة ظهر حجمُ الإرباك الأمني الذي يعيشُه وَانعكس ذلك على معنويات وقدراتِ الداخل الفلسطيني، وكانت معركةُ سيف القدس رغمَ شحة الإمْكَانات تدشيناً لمراحلَ قادمةٍ من التنكيل بالعدوّ، وَبداية العد التنازلي لدولته المؤقتة.
هذه الأحداثُ والتطوراتُ انعكست على الجانب السياسي وأظهر إعلامُ المحور بشجاعته وَرصدِه واقعَ التركيبة السياسية للعدو، وقدَّمها للمتابع هشةً وَغيرَ متجانسة تتبادلُ الاتّهامات وَفاقدةً للحلول، تتسوَّلُ الدعمَ الخارجي وتعملُ لتصريحات قادة المحور ألفَ حساب، كما أظهر التركيزُ الإعلامي حجمَ الفساد وَالتجاوُزات وَالتباينات الحادثة في مجتمعها وَغياب العدالة وَالقانون.
وبفضل المحور تصاعد هاجسُ الوجود وَالزوال الذي تعيشُه “إسرائيل”، وَتكشف ما كانت تُخفِيه من أخلاقياتها المنحطة وَالهمجية، وَمستويات العدائية التي تُكِنُّها للعرب والمسلمين كمنهجية تربوية وتعليمية، وَأبعد من ذلك تكشفت مسؤوليتُها المباشرةُ في صناعة الجماعات الإرهابية التي نكّلت بالمجتمعات الإسلامية باسم الإسلام، وحرّفت المفاهيمَ المُثْلَى للدين الإسلامي.
ومع كُـلِّ جديد يطرأ على واقع الصراع الإسلامي الصهيوني في المنطقة في ظل تنامي قوة المحور، ورغم علنية التطبيع واتساع دائرتها، يتقزَّمُ الكيانُ الغاصِبُ وَمن خلفه كُـلُّ الأنظمة وَالأدوات التي زُرعت بغرض حِمايته وتوطيد أركانه، في ظل تعالي حُضُورِ المحور وفصائله، وَالذين باتَ لهم بفضل الله وَصدق وعودِه القولُ الفصلُ والمترجَمُ بالأفعال.