سألني مشعل (اسم مستعار) عن الولاية، وقبل أن أجيبه راح يطلق النكات ويسخر من الأمر قبل أن أجيب، أما أنا فقد وقفت مغتاظا للحظات لأني اعتقدت أن الله هداه فجاء يسأل ليفهم، صحيح أني كنت أشك في نواياه ومن هيئته وطريقة كلامه التي تجعلك تعتقد أنك أمام سائح أجنبي يتباهى بتعلمه اللغة العربية، في حين أنه يحاول أن يتشبه بهم، وقد نجح في سعيه الحثيث للتشبه باليهود حتى صار يشبههم شكلا ومضمونا لدرجة مرعبة!
لقد صار صهيونيا من الداخل والخارج، بل إنه لو مشى في شوارع “تل أبيب” فلن يشك أحد في جنسيته، لقد كان يدافع عن اليهود تحت مبرر “التسامح الديني”، ويتكلم عن التعايش والروابط البشرية، ولكنه كان دائما يتحاشى ويتجاهل هذه المصطلحات عندما نتحدث عن تعامل اليهود مع الفلسطينيين، ولطالما شعرت أحيانا أنه بات يكن لأهل فلسطين حقدا غير مفهوم، وإن حاول ألا يظهر ذلك صراحة!
الأمريكي يقولها صراحة بأنه صهيوني لأن مصلحته مع اليهود، والسعودي عبد للأمريكي ويدعو للتطبيع مع اليهود، وقريبا سيعلن أنه صهيوني، وهذا الفتى يعبد السعودي الذي يعبد الأمريكي الذي يعبد الصهيوني، وهو يقف موقفهم ولو على حساب بلده وشعبه ويؤمن بفكرة التعايش مع اليهود، إذن هو بالتبعية صهيوني؛ لأن نهاية هذه العجلة من الولاءات تصب في مصلحة الصهاينة، ولأن الله سبحانه قد قال: “ومن يتولهم منكم فإنه منهم”، حتى ولو لم يقلها صراحة، هو صهيوني.
قضية فلسطين ما عادت تهمه، فقد كان بالأمس يتظاهر فقط، أما اليوم بعد أن صارت الأمور “وعلى عينك يا تاجر” فقد منعوه من الكلام، فسكت! ولو تجرأ ليعلن عن موقف مغاير أو ردد إحدى هرطقاته القديمة، فسيجد حذاء الضابط السعودي في فمه؛ فهؤلاء لا يؤمنون بحرية التعبير. وشيئا فشيئا بدأ مشعل يأخذ مواقف أكثر عدوانية تجاه الفلسطينيين، ويردد عبارات التشفي إذا ما سمع عن شيء محزن حصل لهم، ويشعر بالضيق إذا ما سمع عن إنجاز حققه هؤلاء المستضعفون!
نسمع تبريرات مشعل بأن النبي (ص) تعايش مع اليهود، وهذه تبريرات غير موفقة؛ ذلك أن النبي نفاهم في ما بعد من كل شبه الجزيرة العربية لأنهم نقضوا كل عهودهم ومواثيقهم معه وتآمروا ضده، وقال عنهم: “لا عهد ليهود”. ثم إنه لم يصالحهم وهم يحملون السلاح ويحتلون بلدا عربيا مسلما ويقتلون أبناءه ويستحيون نساءه ويجاهرون بالعداوة للعرب والمسلمين ونبيهم وكتابهم وقبلتهم وربهم! ومشعل يعلم أنه لو سجد لهم لما رضوا عنه؛ فهم يحتقرونه ولا يبادلونه مشاعره الحمقاء نحوهم!
الولاية أيها الغر، تستحق منا الاهتمام، لأنها المبدأ الذي جعلنا محصنين ضد مكائد وخداع اليهود، وهذا المبدأ هو ما جعلنا منسجمين وثابتين مع مبادئ ديننا ولا نخاف ممن يتوعدنا أو نقلق على ما سيكون. لذلك فنحن نؤمن بأننا سنقتلع “إسرائيل” من أرضنا ونستعيد مقدساتنا مهما طال الوقت أو قصر؛ فنحن تولينا الله ورسوله والذين آمنوا، ولذلك فنحن حزب الله الغالبون، أما مشعل ومن على شاكلته فقد تولوا النظام السعودي الذي يتولى الأمريكي والصهيوني وهم أولياء الشيطان، وحزب الشيطان هم الخاسرون.
ولكن اسمع يا مشعل: نشهد الله ورسوله والمؤمنين بأننا لن نرضى عن اليهود لو أشعلوا لنا أصابعهم كلها شمع، بل لا بد أن يكونوا صاغرين لملتنا، ولا بد أن ننهي شرهم عن أرضنا كلها ولو كانت شبرا، ولن نذل أو نخضع لهم ولو كان ثمن هذا أن نباد من على وجه البسيطة.. لن نشتري رضاء هؤلاء الشياطين بسخط الله، ولن نعترف لهم بباطل ونحن نقرأ كتاب الله ونعرف ما يمكن أن يكون ثمن هذا الموقف، شاء من شاء وأبى من أبى. فأرح نفسك، وصدقني أن موقفك في صف الأعداء لن يزيدني سوى طمأنينة وراحة؛ فأمثالك لا يمكن أن يكون لائقا بي أن أقف معهم في صف واحد.
* نقلا عن : لا ميديا