كلما اقترب موعد انتهاء الهدنة الأممية في اليمن ضاق الخناق على التحالف الأمريكي السعودي أكثر فأكثر.
أيام قليلة تفصلنا عن مرحلة جديدة وحاسمة ومنعطف هام جداً في حياة اليمنيين ففي الوقت الذي تبحث فيه صنعاء عن إنهاء كامل للمعاناة المستمرة منذ ثمانية أعوام بوقف الحرب وإنهاء الحصار والشروع في حلول عملية تستكمل استحقاقات الملف الإنساني وتنتقل إلى الملفات السياسية والأمنية والعسكرية تتمترس الرياض ومن خلفها واشنطن خلف وعود زائفة لا تقترب من الحلول وإنما تجزئ المعاناة للحصول على مكاسب لم تحصل عليها في ميدان المعركة.
يريد الثنائي السعودي الأمريكي تحييد النفط السعودي من الضربات اليمنية وإعلان هدنة جديدة فارغة المحتوى والمضمون لتجعل صنعاء بين خيارين إما رفض الهدنة وهذا سيترافق مع حشد مواقف دولية منددة تحت شعارات صنعاء ترفض السلام أو الانصياع لكذبة الهدنة دون معالجة حقيقية للملف الإنساني وأولوياته كفتح المطارات لكل عواصم العالم وفتح الميناء للسفن التجارية وصرف المرتبات وفتح الطرقات وتبادل الأسرى لإقحام صنعاء في مواجهة مع الشعب الذي سيتهمها بالتفريط والاستسلام، وليس من المستبعد أن يكون هناك دور لقوى التحالف وخلاياه النائمة لتحريض الشارع واستثارة عواطفه واستغلال معاناته التي تزداد كل يوم جراء استمرار الحصار.
وهذا ما سيدفع صنعاء إلى خيار ربما لا يكون في حسبان التحالف وهو العودة إلى المربع الأول وتفعيل دور القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير لضرب العمق السعودي واستهداف النفط الذي تحتاجه أمريكا وأوروبا أكثر من ذي قبل، لاسيما بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، ولا أستبعد أن تصل شرارة النيران إلى باب المندب الذي لا يحتاج اليمنيون لإغلاقه أكثر من ساعتين فقط، كما أن المعارك البرية ستعود إلى استكمال عملها في محافظة مأرب لتحرير المديريتين المتبقيتين فيها.
إذا اتجهت القيادة اليمنية صوب هذا القرار ما الذي سيتبقى بأيدي الأمريكان أو السعوديين للتشاور أو التفاوض حوله؟ فطلائع الجيش واللجان الشعبية لن تتوقف في مأرب، وإنما ستواصل التقدم باتجاه أهداف أخرى وإذا فقدت الرياض ورقة النفط فما الذي سيغري واشنطن للدفاع عنها وإذا أغلق باب المندب كيف سيواجه العالم أزمة الطاقة والغذاء؟
أما صنعاء التي تعتبر مطالبها اليوم متواضعة إزاء تمديد الهدنة لن تبقى مطالبها كما هي عليه اليوم، بل سيرتفع سقف شروطها إلى مستويات تعجز أمريكا وحلفاؤها في المنطقة وعلى رأسهم السعودية عن تنفيذها، فالهدنة الحقيقية هي بوابة آمنة وسهلة لمن يبحث عن السلام واستمرار خرقها والتذاكي على اليمنيين لمحاولة كسب المزيد من الوقت سيكون وبالاً على المنطقة برمتها والتداعيات الاقتصادية ستفوق مئات المرات ما نشهده جراء الأزمة الروسية الأوكرانية.
* نقلا عن : لا ميديا