مع ترهل الأنظمة العربية وفي مقدمتهم النظام اليمني البائد وتساقطها المتسارع في الولاء والتطبيع مع الصهاينة على حساب القضية الفلسطينية ومقدساتها.
كان للشعب اليمني -رجاله ونسائه وأحراره الشرفاء- مواقفُ مغايرةٌ لهوى الأنظمة السابقة فقد كانت تقيم الفعاليات المناهضة للصهاينة والمؤيدة لشعب ومقاومة فلسطين وكانت تحيي مناسبة يوم القدس العالمي رغماً عن أنف الخونة والمطبعين تضامناً مع الشعب الفلسطيني في كُـلّ عدوان وتصعيد إسرائيلي يستهدف الأرض والإنسان والمقدسات الإسلامية في فلسطين.
ومع تسارع الأحداث ومتغيراتها وسقوط النظام بعدَ ثورةٍ سبتمبرية عارمةٍ أطاحت به وأخرجت القواتِ الأمريكيةَ من صنعاء حافية الأقدام تجر أذيال الخزية والعار هروباً بعد أن لفظتهم الأرض اليمنية ودحرهم الإنسان الثائر.
فقد كانت توجّـهات القيادة الثورية ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي إيمانية قرآنية ضد أئمة الكفر والضلال والنفاق، صادعاً بالحق في وجوه الظلمة والجبابرة، واعداً بمناصرة القضية الفلسطينية؛ باعتبَارها القضية المركزية والأهم للشعب وللثورة اليمنية والقيادة المجاهدة.
وبدون ترقب، شعر الأمريكان والسفارات الغربية والخليجية في صنعاء أنه لم يعُد جدوى لبقائهم يوماً واحداً وقد أصبح القرار اليمني يمانياً ثورياً لا يقبل المهادنة رافضاً للذل والهيمنة والوَصاية والتبعية السعوديّة الأمريكية ومن خلفهم الإسرائيلية، فتداعت السفارات وأعلنت حالة التأهب القصوى هروباً نحو المجهول الذي ينتظرهم، وإلى الرياض (سلة النفايات) غادرت السفارات والقنصليات يضمرون الشر والضغينة للثورة والثوار وللشعب والقيادة الذين جعلوا من فلسطين حاضراً في واقع المسيرات والمناسبات الثورية وكانت الأعلام الفلسطينية وصور المقاومة والشهداء والمقدسات تملأ شوارع صنعاء وغيرها من المحافظات اليمنية التي رفضت الخنوع وأبت الإذلال وأعلنت البراء من أعداء الله وأعداء العروبة والدين.
حينها غادرت الحكومة والرئاسة اليمنية المشهد سياسيًّا لترتميَ بين أحضان الساسة الأمريكيين والخليجيين مذعنين خونة صغاراً ليس لهم مكانة إلّا الخسة والدناءة مطرودين مهانين.
كان الأمريكان وحلفاؤهم يَرْقُبون الأحداث عن كثب ويراقبون تصريحاتِ وأهدافَ قيادة الثورة والثوار الواضحة للعيان بأن القضية الفلسطينية نبض في قلوبهم ودماءٌ تجري في عروقهم.
وكان قد وصلت قوى الاستكبار وأحذيتهم في السعوديّة والإمارات ولقطاء الخليج والأنظمة العربية العملية والخائنة إلى قناعة تامة بأن ما بناه الموساد والمخابرات الأمريكية والإسرائيلية في العقود الماضية بات تحت نعال شرفاء اليمن وباتت القضية الفلسطينية هي الحديث السائدة لدى الأوساط اليمنية.
فلجأوا حينها إلى شن عدوان على اليمن -ثورةً وشعباً وهُوية يمانية وإيمانية- تحالف فيه عالم النفاق والاستكبار وأذناب الخيانة والتطبيع؛ بهَدفِ وأد الثورة وإحياء ما أنهته الثورة من خيانة وتطبيع مع الصهاينة من تحت الطاولة وإظهاره للعلن وإعادة اليمن إلى التبعية والوصاية السعوديّة الأمريكية والولاء الإسرائيلية.
ولأهداف الثورة السبتمبرية 2014 وموقفها من القضية الفلسطينية ومقدساتها وأراضيها واعتبار العدوّ الإسرائيل كيانا لقيطا محتلّا وجاثما عليها وغدة سرطانية في الجسد العربي يجب استئصاله كان أن ثبت أحرار اليمن للحفاظ على هذه المبادئ والدفاع عن اليمن الأرض والإنسان والعقيدة والقضية الأم الذي مثلت حرب اليمن ملحمةً وركيزة أَسَاسية.
ويمثل ثبات وانتصار اليمن بجيشه وثورته وقيادته الثورية والسياسية والعسكرية حائط صد ومسماراً يدق أوكار الإرهاب العالمي وتهديداً لأمن ووجود الصهاينة وإخراجهم من فلسطين والمنطقة العربية ككل.
ولو لم تكُن فلسطين -شعباً ومقاومةً، أرضاً ومقدسات- قضية اليمن الأولى لما شُن العدوان على اليمن ولما قُتل أبناء وخيرة رجالها ولما حُوصرت من أسبط مقومات الحياة ولما أطلقت رصاصة واحدة تجاه اليمن.
لكن التحالف بشقيه اليهودي والنفاقي يدركون حجم اليمن وثورته السيادية والخطر الذي يتهدّد إسرائيل.
ولكن مهما كانت تبعاتُ الحرب وآثارها ستظل فلسطين هي قضيتنا الأولى حتى قيامِ الساعة، ولا بد من مواقفَ يمانية ترضي الله وتشفي قلوباً وتحرّر كامل فلسطين بمعية المقاومة الفلسطينية والمحور المقاوم، وستبوءُ مؤامراتُ تحالف العدوان ومن خلفهم الصهاينة والأمريكان بالفشل والهزيمة المنكرة ولنا انتصار بعون الله.