عادةً ما يجد المتتبع لكلمات وتصريحات معظم المسؤولين في الدولة الكثيرَ من الأشياء التي توحي بوجود رغبة لدى هؤلاء بقصد أو بدون قصد للاستخفاف بعقول جماهير الثورة، وذلك من خلال التوجه لمخاطبة مشاعرهم بمختلف الأساليب المحركة لعواطف المجتمع الصابر الصامد المضحي، وبكافة الطرق الباعثة على الشفقة على هذا المسؤول أو ذاك، فتارةً يأتي مَن يتحدث إلى الناس عما يقاسيه من شظف العيش في زمن العدوان والحصار، مع فقره المدقع، شأنه في ذلك شأن الأكثرية المسحوقة من أبناء شعبه، الذين يتشاركون معه كل العذابات والآلام، فإذا كان المواطن يشتكي من ارتفاع الأسعار، فإن المسؤول يشكو كذلك من ذات المشكلة، وإذا كان المواطن يصيح وينادي ويستغيث بالمسؤول لينقذه من جشع واستغلال أصحاب العقارات وملاك الشقق السكنية، فإن المسؤول مثله يصيح وينادي ويستغيث، فلعل وعسى ينزل ملك من السماء، أو يأتي بإذن الله عفريت من الجن ليخلص المواطن المسكين والمسؤول المغلوب على أمره من جميع ملاك الشقق السكنية الجشعين، إذ إن كلاً من المواطنين والمسؤولين لا يملكون سكناً إلا في بيوت الإيجار، بالإضافة إلى أنهم لا حول لهم ولا قوة، لذلك علينا الصبر حتى يأتي المخلص لنا جميعاً! وتارةً أخرى نستمع إلى مسؤولينا وهم يتحدثون عن التركة الهائلة التي خلفتها الأنظمة السابقة، من فساد وإفساد وعشوائية، وانحراف واستهتار وعبث وجهل ولصوصية طالت الواقع كله، وقضت على المنظومة الإدارية والتربوية والخدمية والتجارية و... فتغيرت النفوس وخبثت في مختلف القطاعات، وساد الطمع والانتهازية في كل مكان، الأمر الذي يستوجب من الجميع التماس العذر لكافة مسؤولي الدولة، فهم بحاجة لوقت طويل حتى يتمكنوا من إحداث تغيير ملموس ولو جزئياً، ناهيك عن التحقيق للإصلاح الشامل، وخصوصاً في ظل انعدام الإمكانيات وقلة الموارد، بسبب العدوان والحصار، وإذن فلنكظم الغيظ جميعاً ولا قوة إلا بالله!
ولكن مع طلب الإعذار لنا من جميع أصحاب المعالي والفخامة الكرام، لماذا يتناسى معظمهم أننا لم نقم بثورة إلا لوعينا بكل ذلك الماضي المظلم، ورجائنا المنعقد بالله والمسيرة في إعانتنا على التخلص منه؟ فنحن إذن معنيون بتقديم النموذج في سيرتنا وقراراتنا وبرامجنا، فنجعل الناس يلعنون الماضي بكل صانعيه ورموزه.
نعم هنالك عدوان وحصار وقلة موارد أو انعدام لها بالمعنى الأدق، ولكن هل استطعنا أن نحول كل هذه التحديات إلى فرص، جاعلين من معرفتنا بضعفنا وفقرنا دافعا نحو البحث عن البدائل، مع حسن إدارة واستثمار لكل ما هو متاح؟
وعليكم مسؤولينا الأعزاء أن تعرفوا: أن احتجاجكم علينا بفقركم، وقساوة ظروفكم وشظف عيشكم لن يعفيكم من المسؤولية، لأن أمامنا نموذجا لأعظم قائد ثورة في التاريخ الحديث والمعاصر، ومع ذلك مات وهو لا يملك قيمة كفنه، إنه الخميني عليه السلام، الذي قطع الطريق على كل عاجز، يدعي الانتماء لمبدأ الولاية، وعليه أنصحكم بالاستفادة من ميراثه العظيم، والاقتراب من عطائه الخالد والمتجدد.
* نقلا عن : لا ميديا
طباعة الصفحة
مقالات ضدّ العدوان
فيسبوك 
تويتر 
يوتيوب 