أعتقد أن الجميع يلاحظ أن الأخبار في الآونة الأخيرة باتت مخيفة ومرعبة بشكل كبير، وكل يوم نسمع عن جريمة جديدة لم نكن نتخيل حدوثها داخل مجتمعنا.
هناك أشياء فظيعة جداً تحدث أيها الناس، ويجب الوقوف عندها مطولاً.
مرة نسمع عن ولد يقتل والده وأفراد أسرته واحداً تلو الآخر ويفر هارباً، والسبب كما هو معروف للجميع خلافات عائلية.
ومرة أخرى نسمع عن فتى يقتل أمه بكل دم بارد ليسرق ذهبها..!
هذه جرائم لا يستوعبها عقل ولا يدركها فهم لفرط بشاعتها، والأبشع في الموضوع أنها تستمر بالحدوث والانتشار داخل مجتمعاتنا.
طبعاً، بغض النظر عن جهود الأجهزة الأمنية في سبيل مكافحة الجريمة وانتشارها، إلا أن هناك كلاماً من الضروري أن يقال حول هذا الموضوع.
لا أخفيكم أنني تذكرت فجأة يوم أمس أن لدينا مراكز أبحاث ودراسات كثيرة في جامعات ومعاهد مختلفة، على سبيل المثال “مركز الدراسات والأبحاث الاستراتيجية بجامعة صنعاء”، ولكن للأسف الشديد فإن تلك المراكز مغلقة ومهجورة منذ زمن، لا يستفيد منها الشعب ولا الدولة ولا الجامعة.
هنا أتساءل: لماذا لا يتم تفعيل مثل هذه المراكز في الدراسات المفيدة للمجتمع؟
الأمر ليس معقداً كثيراً، ولا يتطلب ملايين الدولارات لتنفيذه، وإنما يتطلب بذل بعض الجهود في دراسة وتحليل الإحصائيات الخاصة بالمجتمع واستقراره، وإحصائيات الجريمة وانتشارها.
نريد أن نكون مثل الدول الأخرى ولو لمرة واحدة يا جماعة، وأن نولي الأهمية لأمور تستحق منا ذلك، بدلاً من الانشغال بأمور أخرى لا فائدة منها.
أوليس من الضروري أن نأخذ الإحصائيات الخاصة بكل نوع من الجرائم، وأن ندرس أسبابها وتداعياتها، ونضع حلولاً لها بناء على النتائج..!
لو فتحنا أعيننا أمام جرائم الانتحار لوحدها لوجدنا نتائج مرعبة، ففي الآونة الأخيرة انتشرت هذه الجريمة خصوصاً بين الشباب وحتى الأطفال والمراهقين.
قبل أيام أرسل لي أحدهم مقطع فيديو لطفل يمني لا يتجاوز عمره الثالثة عشرة، وهو يقوم بالانتحار باستخدام كلاشينكوف، والكارثة أن الطفل يوثق انتحاره “صوت وصورة”.
أقسم بالله يا جماعة إن المقطع أدخلني في صدمة عجيبة، فالموضوع مخيف بحق، فما الذي قد يدفع طفلاً بهذا السن الصغير لإنهاء حياته بهذا الشكل؟
هنا يا جماعة الخير علينا أن نبحث عن الأسباب التي دفعت هذا الطفل وغيره من الأطفال والشباب للانتحار، وبالتالي نستطيع أن نحد من انتشار هذه الظاهرة، وهكذا مع أي جريمة.
يجب علينا ألا نأخذ الأمر كروتين وشيء طبيعي، وألا نكتب في خانة الأسباب لأي جريمة كانت “ضعف الوازع الديني”.
بل علينا أن نستفيد من مراكز الدراسات الموجودة لدينا، وأن نفسح المجال للكوادر والكفاءات في هذا المجال، وصدقوني إذا تم الاهتمام بالأمر فسوف نرى دراسات استراتيجية حقيقية، ومعالجات ناجعة لهذه الجرائم المختلفة.
* نقلا عن : لا ميديا