كم أحببت اللاعب الأرجنتيني الأسطوري دييغو مارادونا حين قرأت عن مواقفه السياسية المشرفة والرائعة! وكم أعجبت بمناهضته للسياسة الأمريكية الخبيثة في مختلف المناسبات والمحافل!
ذلك لأننا شعب مفطور على كره أمريكا، ثم زادنا المشروع القرآني وعياً وفهماً لخطورة الأمريكان وخبثهم وإجرامهم، إضافة إلى تاريخهم الأسود والدموي.
هكذا نحن، نمقت أمريكا من أعماق قلوبنا، وهذه مشاعر لا نستطيع التحكم بها، وفي المقابل فإننا نميل لكل من يعادي أمريكا ويقض مضاجعها.
ومنذ أن اشتعلت الحرب الروسية الأوكرانية، لاحظت أن معظم الناس يؤيدون بوتين ويشجعونه في كل خطوة، وأنا في مقدمة هؤلاء.
لديّ زميل يتابع أخبار الحرب في أوكرانيا أكثر من متابعته لأخبارنا المحلية، ومن المضحك أنه يحفظ أسماء المناطق والجبهات هناك وكأنه جندي روسي! وربما هذا لأنه يحقد على أمريكا!
نحن شعب عجيب حقاً؛ نهتم بمشاكل غيرنا بينما نحن غارقون في المشاكل.
ولا نكتفي بالتدخل في روسيا، فعندما اشتعلت التوترات بين الولايات المتحدة والصين على خلفية قضية تايوان، أظهرنا الدعم نفسه للرئيس الصيني ضد الأمريكان.
ولو كان في يدنا لذهبنا إلى المحكمة وشهدنا بأن جزيرة تايوان حق خالص لجمهورية الصين الشعبية، لا ينازعها عليه أحد.
هكذا سيرى العالم موقفنا في أي قضية يكون الأمريكان طرفاً فيها، فأولئك المجرمون عديمو الأخلاق لا يمكن أن يقفوا موقف حق.
المهم يا شعبي العظيم، أخبروا الروس والصينيين ألا يفرحوا كثيراً بموقفنا هذا، وذلك لعدة لأسباب، أولها وأهمها أن التأييد الشكلي الذي أظهرناه لروسيا والصين ضد الولايات المتحدة سببه كرهنا لواشنطن فقط، وليس حباً لبكين أو موسكو.
نحن ندرك أن السياسة كلها تحكمها المصالح، وما نراه من توتر بين الصين وروسيا من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، ليس نابعاً من عداء تاريخي أو مبدئي كعدائنا للأمريكان، وإنما هي خلافات (مصالح) قد تنتهي في أي وقت.
الروس والصينيون ليسوا أصدقاءنا، وكل منهما شارك السعودية في عدوانها علينا بطريقة أو بأخرى، وقد تحدثت في مقال سابق عن موقف روسيا المخزي تجاه العدوان الأمريكي السعودي على الشعب اليمني.
ما أريد أن أشرحه هو أن الصينيين والروس ليسوا حماة للإنسانية، وسياستهم لا تختلف عن سياسة البيت الأبيض كثيراً، فكل منهم يبحث عن الهيمنة بطريقته الخاصة.
لطالما كانت الصين تمد مملكة الشر بأنواع مختلفة من الأسلحة التي تقتلنا، بينما روسيا تتكفل بطباعة عملتنا دون غطاء لتدمير اقتصادنا أكثر وتجويعنا.
المصالح هي التي تحكم هؤلاء، والهيمنة على العالم هي غايتهم جميعاً، لذلك لا تتوسموا خيراً في أي منهم.
وليعلموا أننا حين نتظاهر بتأييد طرف ضد أمريكا، فإنما هو نكاية بالأمريكان ليس إلا.
* نقلا عن : لا ميديا