تمثل جمعة رجب مناسبة عظيمة كمحطة أساسية من محطات شعبنا اليمني وانتمائه للإسلام، إذ شكل دخول اليمنيين الإسلام واستجابتهم لدعوة الدخول في الإسلام منهجا جديدا، على شكل ميزة العزة والنصر، وبهذا ميزوا أنفسهم حيث كان إسلام اليمنيين طوعيا، مع إيمان كلي والتزام كبير بمبادئ الإسلام، وهذا يؤكد أصالة وثبات وتميز الانتماء الإيماني اليمني منذ بدايته الأولى، كون أن أعظم النعم هي نعمة الهداية، وهي نعمة اختبار ومسؤولية، كون مسيرة الهداية الإيمانية هي مسيرة الأنبياء والصالحين والمؤمنين الصادقين، الذين التزموا بتوجيهات وتعليمات الله من منطلق رحمته وعلمه بالإنسان، وكلما كان التحرك وفق توجيهات وتعليمات الله، فهذه نعمة عظيمة وسيحظى صاحبها برعاية وتوفيق الله.
إن نعمة الهداية على الآباء ثمرتها هي نعمة على الأبناء، وهذا كان من نصيب الشعب اليمني، نتج عنها الكثير من نعم الله على كل جيل يمني على مدى التاريخ، لهذه فإن مناسبة جمعة رجب بالنسبة للشعب اليمني تحظى باهتمام وتقدير، كونها كانت محطة الهداية التي جاءت لإنقاذ لإنسان في حياته من أن يرتكب فيها الأوزار والذنوب، وتأمينا لمستقبله في حياة الآخرة، ولقد أكد السيد القائد عليه السلام بقوله في أحد خطاباته “إن الإيمان يحفظ لنا إنسانيتنا ويبعدنا عن المخازي والرذائل كإنسان وكمجتمع، ثم نيل الرحمة الأبدية في الآخرة”، وهذا يوجب علينا كيمنيين منتمين للإيمان، أن ندرك وبوعي تام أن الإيمان هو نعمة عظيمة تهيئ للإنسان الفرصة الكبيرة لترسيخ الانتماء والكمال في السمو الإنساني، لأن الإيمان نور وشرف يسمو بالإنسان، وثمرة هذا السمو بالانتماء الإيماني أنه ميثاق بين الإنسان وربه على السمع والطاعة، وهذا أكبر التزام عملي لتقوى الله الذي يضبط مسيرة حياة الإنسان والمجتمع والأمة.
إن ثمرة الولاء الإيماني الذي أنتجته جمعة رجب لليمنيين هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدخل فيها العدل والإحسان والتقوى وكل المحاسن والمصالح الحقيقية التي لا تدخل فيها المفاسد، لأن هناك من يحارب الأمر بالمعروف ويسعى لمنعه وإزاحته، وحركة الكافرين والمنافقين على مدى التاريخ هي محاولة إزاحة الأمر بالمعروف ليحل محله المنكر والفساد في كل شيء، لذلك نجد في عصرنا هذا محاربة كل الآمرين بالمعروف، بهدف تحويل الولاء للأعداء وللكافرين والتطبيع مع “إسرائيل” واتباع أمريكا و”إسرائيل”، وهذا من أبرز مهمات المنكر في هذا العصر، إذ يشوهون المعروف ويقدمون المنكر، في الشكل العقائدي كضلال وفي الاتجاه العملي كممارسة، وفي اتجاه حياة كنتيجة.
إن المسار الأصيل والسليم والصحيح اليوم هو المسار الإيماني للإنسان وفي واقع الأمة، أما النفاق وحركة النفاق فإنها تروج للانحراف عن المواقف والمسؤوليات الإيمانية، وعندما يصل الأمر للدفع بالانحراف عن المسؤوليات والقيم الإيمانية، تصبح سلوكياتهم ومواقفهم واتجاهاتهم منحرفة، يأمرون الناس بالمنكر وينهون عن المعروف، وهذا الانحراف في الولاء الإيماني هو انحراف فيه خداع وقد يأتي بشكل إيماني، يدعون الصلاح والإصلاح، وهذه الفئة هي أخطر فئة على الساحة الإسلامية وهي نشطة في كل المجالات، ومن يسعى لتقويض الأخلاق والقيم الإيمانية، هي كيانات النفاق لخدمة أعداء الإسلام والأمة، أما الإيمان الذي جاء إلينا في جمعة رجب فهو الأرضية الصلبة التي يبني عليها الإنسان واقعه العملي اليوم، والثمرة الوحيدة للإنسان هي العمل الصالح في كل مجالات الحياة، والشعب اليمني معني اليوم بتعزيز الهوية الإيمانية والإسلامية بأخلاقها وقيمها ووعيها، وأن مسيرة هذا الشعب هي مسيرة إيمانية ذات هوية إيمانية جامعة، وواجبنا ومسؤوليتنا هو إيجاد نموذج الهوية الإيمانية.
* نقلا عن : لا ميديا