أدرك جيدا بأن الإماراتيين وآل سعود الذين كانوا وراء إغراء وإغواء عفاش لن يستسلموا بمقتله ويكفوا عن حيك المؤامرات وتبني مشاريع ومخططات جديدة ، قد يلعبوا بورقة أحمد علي ويعملوا على تفعيله للعمل لحسابهم مقابل وعده بمنجه السلطة في اليمن كما خدعوا والده من قبله ، وقد يتم تفعيل طارق إن تمكن من الهرب أو شقيقه يحيى ، أو غيره وكلها تكهنات لن تقدم ولن تؤخر ولن تؤثر بإذن الله في مجريات الأحداث على الأرض ولن يحصد هؤلاء غير المهانة والمذلة والاستحقار في نظر أبناء الشعب إن هم باعوا الوطن والشعب وارتموا في أحضان السعودية والإمارات ، فالمعطيات تؤكد أن الشارع اليمني بات يتمتع بحالة متقدمة من الوعي الذي يمنحه القدرة على استيعاب الأمور وفهمها على حقيقتها بدون عواطف ولا مؤثرات من هنا وهناك.
ما حصل لا لبس ولا غموض فيه ، ومن يقل بخلاف ذلك فهو يغالط نفسه ، ظل عفاش في صنعاء معززا مكرما ، لم يتعرض لأي مضايقات على الإطلاق من قبل أنصار الله طيلة الفترة الماضية من عمر العدوان ، يتحرك بحرية مطلقة ، و يمارس مهامه الحزبية ويعقد اجتماعاته التنظيمية ويلقي خطاباته السياسية ، وظل يحظى باحترام وتقدير واهتمام قيادة المجلس السياسي والحكومة والبرلمان ، وظلت علاقته مع السيد عبدالملك الحوثي إيجابية يسودها الاحترام المتبادل ، حتى في ظل وجود تباينات وخلافات في وجهات النظر كانت المسألة تحل بصورة سريعة وحكيمة بدون أي تشنجات من باب الحرص على وحدة الصف الوطني والجبهة الداخلية في مواجهة العدوان الذي كان الهدف الرئيسي لتحالف المؤتمر وأنصار الله.
ولكن حصل ما حصل ويجب علينا أن نتجاوزه وأن لا نظل ننفخ في كير الفتنة ونحرض على بعضنا البعض ونسهم في تفكيك النسيج الاجتماعي ، لا نريد زوبعات ومواقف متشنجة من هذا الطرف أو ذاك ، نريد أن نتفرغ جميعا لمواجهة العدوان وبناء الوطن ، يكفينا مزايدات ومناكفات وتحريضات فيسبوكية ، يكفي ما حصل ، لا نصدق الدنبوع وعلي محسن والبخيتي وأبواق الفتنة والشقاق والنفاق ، من السخف أن نثق في السعودي أو الإماراتي أو الإصلاحي ونصدق بأنهم يشعرون بالحزن على مقتل علي عفاش لأننا نعرف مواقفهم تجاهه ، خدعوه وأرادوا استخدامه كورقة أخيرة للفتك باليمن واليمنيين ولكن الله خيب وأفشل مخططهم ، فماذا كنا نتوقع أيها العقلاء ؟!! أيهما أكثر ضررا مقتل عفاش ؟! أم مقتل الملايين من اليمنيين في حروب طائفية وحزبية استجابة لدعوته المجنونة التي ضمنها خطابه الانقلابي المثير للدهشة والاستغراب ؟!
بالمختصر المفيد، على عقلاء المؤتمر التخلي عن شلة التحريض الإعلامية والفيسبوكية والسياسية التي ظلت تنفخ في نار الفتنة وتعمل على إثارة البلابل وإذكاء الصراعات وافتعال الأزمات وتخوين الآخر وتشويه صورته لمصالح ومكاسب سياسية رخيصة ، إنها فرصة لأن يستعيد المؤتمر دوره الوطني ويتخلص من عقدة الولاء للأفراد ويقدم نفسه كحزب مؤسسي يحكمه نظامه الأساسي ولائحته الداخلية ، لا نريد تطبيلاً وصناعة أصنام جديدة ، وكل ذلك من أجل المصلحة الوطنية ، ومن ثبت تواطؤه مع العدوان من المؤتمر يجب فصله وكذا هو الحال مع من يعمل ضد الوطن ومصالحه وهو يدعي الانتماء للمؤتمر ، فمن غير اللائق أن يقبل المؤتمر الذي يطلق عليه حزب الوطن بين صفوفه خونة وعملاء ومرتزقة يعملون في صف وخدمة قوى العدوان ضد الوطن ، الوطن يريد رجالا شرفاء أوفياء ، يدافعون عنه ويذودون عن حماه ، ضد الغزاة والمحتلين ومرتزقتهم ، والكرة اليوم في ملعب شرفاء وعقلاء المؤتمر وهم أمام منعطف خطير قد يحدد مصير الحزب ويهدد مكانته وموقعه ودوره في العملية السياسية المستقبلية ، وأنا على ثقة بأنه لن يكون إلا في خندق وجبهة الوطن والشعب الذي تكوَّن من مختلف مشاربه وأطيافه ومكوناته على امتداد أرضه الغالية.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.