في خطابه بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي، وضع السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ثلاثة عناوين للمرحلة الراهنة، يمكن تلخيصها كالتالي:
الأول: هو توصيف الحالة القائمة، بعد انتهاء الهدنة المعلنة قبل ما يقارب العام، والتي دخلت حيز التنفيذ في بداية أبريل 2022، ثم تم التجديد لها كُـلّ شهرين، بداية يونيو، والتجديد الثاني بداية أغسطُس، وانتهت مع نهاية سبتمبر، ولم يتم التجديد لها حتى الآن؛ نظراً لعدم التزام قوى العدوان بمبدأ التدرج بالاستحقاقات الإنسانية، هذه المرحلة كثر الجدل حولها، وهل هي حالة سلم أَو حرب؟ أَو هما معاً؟ حالة لا سلم ولا حرب، ورفعاً للجدل، أوضح السيد بأن الالتباس “عند البعض في تشخيص المرحلة الراهنة، والمرحلة التي نحن فيها الآن هي مرحلة حرب، هي حالة حرب مُستمرّة، وأنه لا يوجد اتّفاق هدنة، لكن هناك خفض للتصعيد في ظل وساطة عمانية مشكورة”.
يمكن أن نضيف تحت هذا العنوان إهمال السيد أية إشارة إلى جهود الأمم المتحدة أَو أي مساع لها للسلام، لكنه بالمقابل أشاد بجهود سلطنة عمان “الذين يتعاملون معنا بمبدأ حسن الجوار، ونقدر لهم جهودهم ونسعى لأن نعطيهم الفرصة الكافية”.
في العنوان الثاني: هو عن سقف هذه المرحلة من خفض التصعيد، فقد وضع السيد حدًّا لآمال العدوان بتمديد خفض التصعيد من الجانبين، وهي وإن كانت حالة ربما يرتاح لها العدوان، فهي حسب السيد وتأكيده في هذا الخطاب، ليست مفتوحة السقف الزمني، بل يكاد الصبر أن ينفد، ملوحاً بالعودة إلى التصعيد العسكري الذي يتوخى فرض حقوق الشعب اليمني وعلى رأسها صرف المرتبات المتوقفة من قبل تحالف العدوان، لمدة أكثر من خمس سنوات.
وفي هذا المقام وجه السيد عبدالملك التحذير والنصح معاً، لدول العدوان، للتفاهم الجاد والعملي في الملف الإنساني والمعيشي، حَيثُ لا يمكن القبول “بحرمان شعبنا من ثروته الوطنية في الاستحقاقات المتعلقة بالمرتبات والخدمات العامة” مُضيفاً ومؤكّـداً في ذات الوقت، أنه “عندما نعطي وقتاً للمفاوضات والحوارات فهذا لا يعني أننا سنستمر إلى ما لا نهاية”، وكأنه هنا يذكر تحالف العدوان بعمليات كسر الحصار وعمليات إعصار اليمن، والتي يمكن أن تعود، كـ”خيارات ضاغطة للحصول على حق شعبنا في ثروته”، مُشيراً إلى معادلة منع نهب الثروات من المحافظات المحتلّة، والنجاح الذي تحقّق في ذلك، ملمحاً عن نوعية السلاح المستخدم في واحدة من عمليات نهب الثروة، عندما أشاد بـ “القوة الصاروخية” مؤكّـداً أنها “تمكّنت من إصابة إحدى الحنفيات في ميناء حضرموت ضمن إحدى عمليات منع نهب الثروة النفطية”.
العنوان الثالث: مسارات التفاوض، وفي هذا الإطار ليس جديدًا أن يكون الملف الإنساني هو الأولوية الآن، “في كُـلّ الحوارات نؤكّـد أننا لا يمكن أن نتجاهل الملف الإنساني وأننا لن نسكت عنه ولن نضيع هذه الأولوية لحساب أية أولوية أُخرى”، ونفهم من هذا، أن القيادة ترفض أن يبقى الملف الإنساني ورقة للمساومة السياسية؛ لأَنَّ هذه جريمة حرب موصوفة، حتى وإن قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة بذلك، فَـإنَّ صنعاء لا يمكن لها أن تسلم بهذا الخلل في مسار التفاوض، بل يجب أن يزاح الملف الإنساني أولاً، ثم يكون التفاوض على باقي الملفات دون الضغط على الشعب بالحصار وتوابعه، وهكذا فَـإنَّ الملفات الإنسانية ليست غاية، وانما هي مفتاح للسلام، وأنهم “إذا كانوا يريدون السلام فطريقه واضح، ومفتاحه هو الملف الإنساني، وغايته إنهاء العدوان والحصار والاحتلال”.
بعد تثبيت هذه النقطة، ينطلق الحديث عن الخطوط الحمراء، وفي السياق أوضح السيد عبدالملك أن هناك ثلاثة خطوط حمراء للمفاوضات، أولها أن مسار أي حوار أَو اتّفاق يجب أن يفضي لانسحاب قوات الاحتلال، وكذلك منع التدخل في شؤوننا الداخلية، وأخيراً أن تضمن المفاوضات الحفاظ على مكتسبات الشعب اليمني وحقه في الحرية والاستقلال والكرامة.
وختامًا للحديث عن هذا الملف نبه السيد القائد الشعب اليمني “إلى أهميّة اليقظة المُستمرّة والجهوزية الدائمة أمام كُـلّ الاحتمالات ومنها عودة الحرب والتصعيد في أية لحظة”، وهذا يدل على أن كُـلّ الخطوات التي يخطوها العدوان في التفاوض لا تزال غير كافية لإشاعة حالة الطمأنينة، لا سِـيَّـما ومفتاح السلام، والملف الإنساني، لا تزال محل نقاش ومساومة ومماطلة من قبل تحالف العدوان، لكن مع هذا يقول السيد بأن “ثمرة صبرنا وجهادنا وتضحيتنا وقضيتنا العادلة هي نصر الله الذي توكلنا عليه واعتمدنا عليه”.