يبدو أن وزارة الداخلية جادة في تنفيذ خطط العمل التي تضمن استقرار البلاد وتوفر عوامل الأمن والسلامة لكل المواطنين ، فها هي بعد أن وطدت دعائم الأمن ورسخت معانيه في الجانب المباشر الخاص بمكافحة الإرهاب وردع الجماعات المارقة ، تتدرج في تحقيق الغاية الكبرى المتمثلة في توفير الأمن والسلامة للطرقات والشوارع والمنازل ، واليوم جاء دور الدراجات النارية بعد أن عاث أصحابها ولاثوا كثيراً وأمعنوا في الفوضى وبسبب هذه الفوضى تم إزهاق الأرواح البريئة وتعرض الكثيرون للحوادث المؤلمة ، ما جعل الوزارة من خلال الإدارة العامة للمرور تبدأ بتنفيذ خطة التنظيم ومنع المخالفات لهذه الوسيلة ، والحقيقة أن هُناك أسئلة كثيرة تدور في أذهان الناس عن هذا الجانب خاصة ما يتعلق منها بتوصيف هذا النوع من وسائل النقل ، إذ أن الكثيرين ممن امتلكوا الدراجات النارية اعتبروها فرصة لإثارة الفوضى، وكما نعلم أن النظام السابق كان قد منع الدراجات النارية نهائياً حينما وصل الاستهداف إلى المسؤولين فقط ، أما والعملية تتعلق بحياة المواطنين فهذا في نظرهم شأن آخر لا يخص الدولة ، وإلا كيف يُسمح لهذه الدراجات أن تتخطى إشارات المرور وتقفز على أكف جنود المرور الممدودة بهدف تنظيم السير في التقاطعات التي لا يوجد فيها إشارات مرورية ، مع ذلك نجد أصحاب الدراجات النارية يتقاطرون من كل حدب وصوب ، وفي الغالب يتسببون في حوادث مروعة لأن الخطوط تتحرك في وقت واحد ، وبالتالي تتصادم مع بعضها ويحدث ما لا يُحمد عقباه ، ورغم أن البداية جيدة لكنها قاصرة جداً ولا تكفي كون العملية تجاوزت كل حد ، وأصبح أصحاب الدراجات مصدر إزعاج وخطر على كل مواطن يمني .
في الأمس القريب مررنا من أمام وزارة الإدارة المحلية وإحدى الفتيات مسكينة تصرخ فقد كانت تقود سيارتها بالاتجاه الصحيح وتعمل حسابها لمن خلفها من السيارات ، وإذا بصاحب دراجة نارية يأتي عاكساً للخط ويرتطم بالفتاة ، وليت الموقف انتهى عند هذا الحد لكن صاحب الدراجة ترجل من على ظهرها ونزل يحاول إيذاء الفتاة ، ولم تمض سوى عشر دقائق حتى حضر عشرات ممن يقودون دراجات نارية لمناصرة صاحبهم ، وليتهم كانوا مؤدبين إلا أن الألفاظ النابية كانت تتطاير من أفواههم وكأن الفتاة ارتكبت جريمة كبرى رغم أنها المتضررة ، فالدراجة كسرت لها أحدى الكشافات ، مع ذلك تجمعوا حولها بطريقة مُريبة فلم تجد وسيلة إلا البكاء، مما دفعنا إلى التدخل وبالفعل أجبرنا أصحاب الدراجات النارية على مغادرة المكان بصعوبة ، وهم يطلقون الشتائم ويتوعدون بأشياء كثيرة ، لكني أنا وصاحبي لم نعبأ بكلامهم، فقد أجبرناهم على الرحيل وساعدنا الفتاة على مغادرة المكان ، ومواقف كثيرة لا يُمكن لأحد السكوت عليها مثل أن يصطف أصحاب الدراجات في طابور واحد بعرض الشارع وهم يتحدثون عن قضايا تافهة دون أن يعبأوا بخط السير وأنهم تسببوا بإيقافه ، وكم من القضايا التي يجب على إدارة المرور أن تضعها في الحسبان وهي تعالج هذه الظاهرة الشائكة ، بحيث تجاوز عدد الدراجات النارية عدد سكان البلاد وكل ذلك تحت مُسمى الرزق وطلب المعيشة ، وهي أشياء ممكن أن تؤخذ في الحسبان إذا ما وجدت الآداب والسلوك القويم لدى من يستخدمون هذه الدراجات ، أما أن تتحول إلى مصدر للإزعاج وإقلاق السكينة العامة فهذا شيء لا يمكن احتماله ، خاصة حينما تتعالى أصوات أصحاب هذه الدراجات أو مكبرات الصوت التي يستخدمونها، فهي تنم عن رغبة في الإيذاء وإزعاج الناس والمارة أو أصحاب المنازل ، وكم هي الصورة محرجة ومزعجة جداً حينما تقف أمام أحد المستشفيات والمرضى غاصين في النوم وإذا بالدراجات النارية تطلق مكبرات الصوت بطريقة مفزعة ومقززة .
في هذا الجانب أُذكر إدارة المرور بالسير عكس الخط أو على الأرصفة المحددة للمشاة ، فهذه الأرصفة التي حددتها الجهات المختصة للمشاة كي لا يوقفوا سير للسيارات ، جاءت الدراجات النارية لتحولها إلى ممرات إضافية ولو على حساب المارة وإزعاجهم ومنعهم من السير عليها ، أشياء كثيرة ربما أصبح جنود المرور متضايقين ويتمنون الخلاص منها ، إلا أنهم لا حيلة لهم بحسب التوجيهات الفوقية ، والآن وقد أصبحت العملية تمثل استياء عاماً لدى الناس أرجو أن تأخذ المعالجة طوراً آخر من الجدية والحسم بحيث لا تتطور ونصبح أمام عصابات راجلة تقلق الأمن والسكينة العامة ولا نستطيع مواجهتها .
الأمل كبير في وزير الداخلية والإدارة العامة للمرور لمعالجة هذه القضايا قبل أن تستفحل وتصبح ظاهرة خطيرة لا يُمكن السيطرة عليها ، سيظل الأمل قائماً وإن شاء الله تستمر الحملات لردع كل عابث من السائقين بشكل عام ، والله من وراء القصد ..