«الانتقالي» ليس في وارد أن يسهم في حلحلة الأوضاع في عدن والمناطق التي تحت سيطرته؛ لأنه يعرف استحالة تحشيد الشارع الجنوبي مع مشروعه، إلا في ظل أوضاع الناس السيئة واستمرارها، فلقد ولد مشروع المطالبة بفك الارتباط واستعادة الدولة نتيجة تدهور حياة الناس في الجنوب، وسوء إدارة نظام (7/7) للبلد كله، والذي أوصل البلد في نهاية المطاف إلى هذه الأوضاع بالغة السوء.
وبالتالي يدرك «الانتقالي» أن أي تحسين للأوضاع في الوقت الراهن، وهو جزء من ما يسمى «مجلس القيادة الرئاسي»، سيصب في صالح المجلس المشكل في معظمه من بقايا نظام (7/7)، الذي ظل زورا وبهتانا ينافح ويرفع شعار «الوحدة أو الموت».
ويشبه حال «الانتقالي» مع العليمي وخبرته اليوم حال المؤتمر الشعبي العام مع الحزب الاشتراكي اليمني في الفترة الانتقالية، وحال علي صالح وشراكة نظامه مع المشترك إثر تسليمه كرسي السلطة بعد ثورة 11 شباط/ فبراير 2011.
وخلال الفترة الانتقالية بعد الوحدة ظل علي صالح يعرقل كل مشاريع إصلاح النظام السياسي وقيام الدولة، بل وسعى إلى عرقلة أي مساعٍ، وعمل على تدمير الأوضاع المعيشية، والمضاربة بالعملة وتأخير رواتب الموظفين وشراء ذمم قيادات، بهدف إفشال مشروع شريكه حتى لا تحسب أي إصلاحات أو تحسن في حياة الناس لصالح الحزب الاشتراكي اليمني، خصوصا أن الناس استبشروا به في قيام دولة نظام وقانون!
وهكذا يدير السياسيون مشاريعهم السياسية حين تكون مشاريع لا تهتم بوضع الناس ولا تعير مصالحهم بالمجموع أية التفاته، ويطرحون مشاريع زائفة ظاهرها مصالح الناس وباطنها مصالح ذاتية أو في أحسن حالاتها مصالح فئوية أو جهوية ضيقة.
تاريخ الصراع السياسي في اليمن، وهي خاصية يتميز بها العقل العربي، يقوم على سياسة إضعاف الخصم من خلال تدمير الحياة العامة واستخدام الناس وقود معارك في الصراع.
وهكذا فعل علي صالح وحزبه بعد أن أزيح من رأس المشهد السياسي إثر مبادرة الشؤم الخليجية، ودخل في حكومة شراكة مع خصومه. مارس دوراً تخريبياً وظهر كلفوت وشلفوت وساءت أوضاع الناس وشهد البلد اختلالات أمنية وعمليات «إرهابية»، كحادث مستشفى العرضي وسقوط طائرات حربية في وسط العاصمة صنعاء واغتيال طيارين وسياسيين... كل هذا كان يهدف إلى إبراز محاسن نظامه السابق عبر خلق مساوئ وإرباكات للعهد الجديد.
العقل السياسي اليمني والعربي عموما عقل تدميري غير بناء، عقل منهجه يقوم على المفاضلة بالمساوئ، بل ويختلق مساوئ راهنة من أجل تجميل مساوئه السابقة!
* نقلا عن : لا ميديا