أدّى التهديد الذي أطلقه قائد حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، بإنهاء حالة خفض التصعيد، ومنحه «الجهود الرامية لإحلال السلام فرصة أخيرة»، إلى ما يشبه استفاقة أميركية وأممية. إذ بموازاة عودة المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، إلى المنطقة، استأنفت الأمم المتحدة تواصلها مع الأطراف اليمنيين في مسعى منها لإنهاء حالة الركود. وفي هذا الإطار، أعاد مكتب المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، بشكل لافت، تحريك ملفَّي الأسرى والمعتقلين، وفتح الطرقات المغلقة في محيط مدينة تعز والمحافظات الأخرى. وقام غروندبرغ بزيارة مفاجئة إلى سلطنة عمان، أول من أمس، حيث التقى، ووفقاً لبيان صادر عن مكتبه، رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، وبحث معه الخطوات الرامية إلى تثبيت وقف إطلاق النار، والتوصّل إلى تسوية سياسية جامعة. وأشار البيان إلى أن غروندبرغ شدّد على ضرورة أن يقدّم الأطراف التنازلات اللازمة لمعالجة الأولويات الفورية وطويلة الأجل وتحقيق انتقال سياسي «يلبّي تطلعات اليمنيين واليمنيات». كما عقد المبعوث الأممي لقاءات مع وكيل وزارة الخارجية العمانية للشؤون الديبلوماسية، خليفة الحارثي، ومسؤولين عمانيين آخرين، ركّزت على سبل تقديم دعم للأطراف لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة.
وفيما خلا البيان الأممي من أيّ حديث عن هدنة موسّعة، استعرض المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، مع مسؤولين إماراتيين في أبو ظبي، ومن ثمّ مع ممثّلي «المجلس الرئاسي» اليمني المقيم في الرياض، مقترحات هدنة مطوّلة، تليها مباحثات يمنية - يمنية لوقف إطلاق النار بشكل كامل، تمهيداً لإطلاق عملية سياسية شاملة. ووفقاً لمصادر ديبلوماسية مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن واشنطن استبعدت التفاهمات التي جرت بين صنعاء والرياض خلال لقاء رمضان الفائت، من أجندات الجولة الأخيرة لمبعوثها. وأشارت المصادر إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تسعى إلى التحكّم بمسار السلام وفقاً لمصالحها وأجندتها، وتشترط منذ مطلع العام الجاري أن يكون الحوار يمنياً - يمنياً، في محاولة منها لإبقاء المجال مفتوحاً لاستمرار الحرب والحصار، وهو ما ترفضه صنعاء التي تؤكد أن الحوار بين اليمنيين لا يستدعي تدخلاً خارجياً، وتتمسّك بمواصلة الحوار الندّي مع الرياض باعتبار الأخيرة «قائدة للعدوان والحصار». وبعدما وقفت واشنطن حجر عثرة في طريق معالجة ملفّ المرتّبات، يحاول ليندركينغ، في جولته الحالية، تقمّص دور الوسيط، وتقديم مقترحات حلول لهذا الملفّ، مع التشديد دائماً على رفض ربطه بعائدات النفط والغاز، وهو ما يثير شكوك «أنصار الله» حول دوافع التحرّك الأميركي.
سبق لليندركينغ أن وصف مطالب صنعاء بخصوص ملفّ المرتبات بأنها «متطرّفة وغير واقعية»
وسبق لليندركينغ أن وصف مطالب صنعاء في هذا الشأن بأنها «متطرّفة وغير واقعية»، مقترحاً صرف مرتبات شرائح محدودة من الموظفين المدنيين واستثناء العسكريين والعاملين في المجال الأمني بدعوى أنهم مقاتلون من «أنصار الله». والشهر الماضي، وصف صرف المرتبات بأنه «أمر شائك» في ظلّ الأزمة المالية التي تعانيها حكومة عدن، ليعود قبل أيام ويعدّ، في تصريح إلى صحيفة «الاتحاد» الإماراتية، هذا الملف «معقّداً». وقرأت صنعاء، على لسان أكثر من مصدر، في تلك الرسائل السلبية انعكاساً لرغبة واشنطن في تعطيل جهود السلام، واصفةً الموقف الأميركي والبريطاني والفرنسي الرافض لتخصيص إيرادات النفط والغاز لصرف المرتبات وتحسين الخدمات بـ«العدائي». وأكدت أن مطالبها الإنسانية لا تقبل المقايضة، مهدّدةً بــ«ردّ صارم وحاسم سيطاول مواقع حسّاسة في دول التحالف، وقد يطاول مصالح أميركا وفرنسا وبريطانيا في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار»، وعودة الأوضاع إلى ما قبل دخول الهدنة الإنسانية حيّز التنفيذ في الثاني من نيسان من عام 2022.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية