لا يبدو أن حسم معركة الحديدة غرب اليمن عسكرياً لصالح التحالف الذي تقوده السعودية متاحا للحد الذي يجعل الجميع ينتظر أن نصحوا ونجد الحديدة ، الخزان والممر الإقتصادي الأهم في اليمن وقد صارت تحت سيطرة السعودية والإمارات ،
فمثلما هي معقدة لجهة أنها ستكون بوابة جديدة مضاعفة مأساة انسانية متفاقمة منذ ثلاث سنوات ، هي أيضا معقدة عسكريا ، بما يجعل المواجهات هناك مرشحة لأن تطول لسنوات كتلك المواجهات التي لا تزال مفتوحة لأكثر من ثلاث سنوات في محافظة تعز الحديدة بالنسبة لقوات صنعاء معركة مصيرية فهي المخزون الإقتصادي الأكبر لحكومة الإنقاذ الوطني في العاصمة صنعاء والممر الوحيد لتماسك الإقتصاد المعيشي لقرابة عشرين مليون انسان يتوزعون كل المحافظات الشمالية باستثناء محافظة مارب شرق اليمن واجزاء من محافظة الجوف ،
وهذا يعني أن الهزيمة فيها غير مسموحة ما يجعل معركة الحديدة معقدة عسكريا وصعبة أيضا أمام القوات التابعة للامارات والسعودية ، وهي خليط من التشكيلات العسكرية الجنوبية بالاضافة إلى الجناح العسكري التابع لطارق صالح نجل شقيق علي عبد الله صالح ، أن الإختراق الوحيد الذي سجلوه في هذه المعركة لا يؤهل لمزيد من التقدم العسكري، فخط الإمداد لهذه القوات الذي يمتد على طول الشريط الساحلي باتجاه مدينة الحديدة مرورا بالمخا حيث تتوزع مراكز القيادة ليس مؤمن حتى الآن فالجيش واللجان الشعبية التابع لصنعاء تنتشر على طول هذا الخط ويستند إلى مناطق جبلية وسكانية وجغرافيا ثابتة وقادرة على قطع خط الإمداد عندما تشتد المعارك باتجاه الحديدة، بالتالي ستصبح القوات التابعة للتحالف شبه محاصرة ،
والأمر الآخر وهو الأهم أن اهتماما عسكريا كبيرا أولته صنعاء لهذه المحافظة فمعسكرات التدريب والتجهيزات بدأت منذ 2015 تحسبا لمهاجمة الحديدة فضلا عن ولاء معظم سكان المحافظة لأنصار الله والقوى الوطنية التي تناهض العدوان على اليمن ، هذا الولاء هو ما جعل المحافظة تتماسك رغم الحملة الإعلامية التي رافقت زحف القوات التابعة للتحالف ، فلم تنشب أي مواجه عسكرية كان يتوقعها التحالف في أي من الـ 26 مديرية في المحافظة. التحذيريات المتتالية من أي عمل عسكري يقوم به التحالف تأتي من وجهين ،
الأول هو خوفا من تضاعف المأسات الإنسانية بسبب توقف نشاط الميناء والشريان الوحيد الذي يمد المحافظات الشمالية بالمواد الغذاية في حال دخلت المعارك إلى المدينة ، والثاني خوفا من هزيمة محتمة للتحالف وبالتالي انعكاساته العسكرية على بقية الجبهات المتعثرة منذ بداية العدوان على اليمن ـ فإذا كانت السعودية والإمارات قد رميا بكل ثقلهما العسكري لهذه المعركة ، بغية خنق صنعاء ، فإن هزيمة هذا التقل العسكري سيجعل التحالف أمام انتهاء آخر رهاناته العسكرية في اليمن ، ومن هنا هذا ما يجعلنا ندرك أن الضغوط لمنع لمعركة الحديدة ليست فقط من اجل تجنب تضاعف الأزمة الإنسانية فحسب بل أيضا تخوفا من هزيمة التحالف في آخر محطة عسكرية يضمن النجاح فيها آخر رهاناته التي تتضائل وربما ستصبح منعدمة .