سؤال مهم جدا الاجابة عليه قبل الدخول في اي تسويات جديدة حتى لا نعيد انتاج عوامل الفشل والاحتراب مرة اخرى .
لماذا فشلت العملية الانتقالية عقيب ثورة فبراير ٢٠١١في تجنيب اليمن دورات العنف وصولا الى العدوان الشامل ،مقارنة ببلدان الربيع العربي التي شهدت عملية انتقالية وحوار سياسي كتونس ومصر والتي وان لم تنجح في تحقيق اهداف الثورة كاملة لكنها في الحد الادني جنبتها موجات عنف محتملة.
سأحاول ان اوجز اهم العوامل الرئيسة في فشل العملية الانتقالية تاركا التفاصيل لمناسبة اخرى وذلك كالتالي :
اولا :الانتكاسة الثورية بتحول الثورة من ثورة شعبية الى انقسام راسي للنظام والدخول في تسوية حافظت على مؤسسات ورجال النظام القديم ،ورحلت مطالب الثوار الى مؤتمر الحوار الوطني بينما في مصر وتونس جرى حل مؤسسات النظام القديم التشريعية والتنفيذية ،وبما ان هذه المؤسسات تمثل مصالح النظام القديم فان من الطبيعي ان تمانع التغيير الثوري وتقاوم اي اصلاحات.
ثانيا :اعلاء التدخل الاقليمي والدولي لمصالحه في تصميم ومراقبة العملية الانتقالية فاسقاط النظام الذي طالبت به ثورة فبراير لا يعني اسقاط صالح بقدر ما يعني اسقاط شبكة معقدة من العلاقات والتوازنات المحلية والاقليمية وبالتالي تكاثرت الكوابح في تصميم وضبط العملية الانتقالية لحد افراغها من اي مضمون ثوري.
ثالثا:التصميم الجامد للعملية الانتقالية والوثنية في التمسك بمرجعياتها مقارنة بالمرونة في تونس ومصر اذ كانت تبادر لاعادة النظر فيها واعادة تصميمها لمنع االانحدار نحو العنف .بينما تحولت المبادرة الخليجية لدى بعض الاطراف الى تلمود مقدس اسهل عليها ان تتنازل عن فريضة من فرائض الدين من ان تتنازل عن بند من بنودها.في تونس ومصر تم الانتقال سريعا من مرحلة انتقالية الى اخرى بمرجعيات ومؤسسات اقوى من سابقاتها من ناحية التفويض الشعبي،بينما كان هناك نوع من الوثنية في تمسك بعض الاطراف بتصميم المبادرة الخليجية للعملية الانتقالية ومحاولة تمديدها الى ما بعد الحوار الوطني .
رابعا :اعطاء صلاحيات طاغية للرئيس الانتقالي على الحوار الوطني باعتباره الهيئة المناط بها الاصلاح السياسي ومراقبة الانتقال وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ،مقارنة بالاستقلالية التي تمتعت بها على سبيل المثال الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والانتقال الديمقراطي في تونس .
خامسا :عجز وفشل القائمين على ادارة المرحلة الانتقالية الاولى والانقلاب على العملية الحوارية والذي تمثل في مظهرين اساسيين الاول كسر التوازن الذي كان قايما في بداية الحوار بين القوى الجديدة وقوى النظام القديم بحيث اصبحت الكفة مائلة بالمطلق لصالح الاخيرة والثاني الالتفاف على مخرجات الحوار وافراغها من مضمونها استخدام رئيس الحوار صلاحياته شبه المطلقة في تصميم الهيائات واللجان المنبثقة عن الحوار بالشكل الذي يضمن خروجها بالنتياج الممقرة سلفا والغاء واضعاف اي صوت معارض.