الاجتماع الاستثنائي المستعجل لرؤساء أركان الجيوش العربية والإسلامية في الرياض يعد مسلكاً جديداً إذا ما كانت أحد مخرجاته حماية الملاحة في البحر الأحمر، فهذا يعني أن معارك اليمن في باب المندب والبحر الأحمر ضد الكيان الصهيوني وسفنه، معركة سوف تغير العالم تغييراً جذرياً.
المصيبة أن كل هذا يحدث بينما القوى السياسية اليمنية المستأنسة للسلام المرتهن تعمل كرديف سياسي وعسكري قوي لأنظمة ودول الوصاية الخارجية على اليمن، ولأننا اليوم وبعد كل هذا التهافت العربي للتطبيع بقيادة كياني العدو السعودي والإماراتي للهرولة إلى حضن العدو الصهيوني والأمريكي والبريطاني ينبغي أن نسأل أنفسنا: هل هناك مستقبل لأدوات التبعية والقوى السياسية المستأنسة المرتهنة للوصاية الخارجية؟! أم أن النهاية التاريخية حانت لإغلاق صفحاتهم جميعا؟! فلا يكفي اليوم فهم الواقع وتوصيفه وتحليله إلى مكوناته الأولية، وإدراك التناقضات الرئيسية والثانوية، لأن الأهم من ذلك كله هو السعي من أجل تغييره جذريا، وسوف يتم هذا التغيير الجذري من اليمن وبسواعد وعقول يمنية متوكلة على ربها ومرتبطة بربها وليس بالوصاية الخارجية.
إن مشوار الخيانة لليمن، التي مارستها قوى التبعية وأدوات الارتهان للخارج ومصالحها الشخصية الضيقة، بدأ من مؤتمر حرض 1967، وأكملته منظومة من الرؤساء والمشائخ والعسكر ورجال المال والأحزاب السياسية بعد ذلك حتى بداية العدوان السعودي الأمريكي على اليمن 2015، وحتى اليوم لن ينتهي مشوار هذه الخيانة إلا بوحدة ونضال اليمنين الشرفاء والأحرار، وباستمرار دعم (وعي وقيم ومشروع) منهجية مسيرة التحرر والاستقلال والمواجهة والتحدي اليمني للطواغيت الصهيونية وللرجعية الخليجية ودول الاستعمار وأعوانهم وأدواتهم ومرتزقتهم في الداخل.
ولن يشعر المواطن والمجتمع والشعب اليمني بروح انتصاره على العالم، إلا إذا شعر بانتصاره على قوى التبعية وأدوات والارتهان للخارج. ولن يحدث له ذلك إلا من خلال ملامسته المباشرة لمتغيرين اثنين:
الأول: وجود تغييرات جذرية في مناصب ووظائف الدولة العليا والسلطات المحلية تكون صادمة وكبرى لتلك القوى والأدوات السياسية المستأنسة لمشاريع دول الوصاية الخارجية.
الثاني: تعيين بديل من المسؤولين والمشرفين والسياسيين والإداريين... إلخ الممتلئين بثقافة التحرر والسيادة والكرامة ويقدمونها للناس من خلال معاملات وممارسات وتصرفات تعلي روح الكرامة المجتمعية، وتسمو بروح الشرف الشعبي، وترفع هيبة المشاركة الوطنية.
اليوم لدى اليمن، والحمد لله، القرار الثوري والسياسي والعسكري السريع والشامل والجذري لإشهار هذين المتغيرين في وجه العالم كله عامة، وفي اليمن خاصة. ولكم أن تتخيلوا الشعب اليمني وشعوب الأمة اليوم مثلهم مثل شخص في حجرة، ربما تتسع وربما تضيق، لكنها في النهاية حجرة، يجلس فيها هذا الشخص، قد يتحرك أحيانا أو يجلس القرفصاء، يقبل وضعه أو يرفضه، لكنه في النهاية محدود بجدران هذه الحجرة ولا يمكنه تجاوزها، وكل ما يدور خارج الحجرة من مؤامرات ومكائد ودسائس قوى التبعية والارتهان والتطبيع للخارج لا يعرف عنها شيئا، ولو تطلع لمعرفتها لن تكون معرفة بقدر ما ستكون مجرد تخمينات، إن صدقت أو كذبت فلا معيار لديه ليعرف إلى أيهما يركن!
إن العقل الشعبي والمجتمعي اليمني والعربي والإسلامي هو هذه الحجرات. كل ما عليكم هو أن تصلوا لصورة أوضح وأشمل لتوجيه الوعي الشعبي اليمني الآن لمواجهة العدوان وتوحيد كافة الجبهات الداخلية وبناء مؤسسات الدولة اليمنية القوية والمهابة والعادلة الحرة والمستقلة الرافضة للتبعية والارتهان والوصاية الخارجية، وأن تضحيات وصبر وصمود اليمن شعبا وقيادة ثمنه هو تغيير خارطة العالم جذريا.
* نقلا عن : لا ميديا