لم تنحسر حالة التصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث استمرت العمليات العسكرية ضد السفن والبوارج الأميركية والبريطانية، فيما واصلت «هيئة التجارة البحرية البريطانية» رصد المزيد من الحوادث الأمنية، والإعلان عن بلاغات ونداءات استغاثة إضافية. وحتى فجر أمس، ارتفع عدد السفن المستهدفة من قبل قوات صنعاء إلى ست سفن تجارية بريطانية وأميركية، بعدما أعلنت الهيئة، في وقت متأخر من مساء أول من أمس، تلقّيها بلاغين: الأول عن «حادث مشبوه» لسفينة تجارية على بعد 90 ميلاً بحرياً غرب جيزان السعودية، جنوب البحر الأحمر، من دون أن توضح طبيعته، والثاني عن هجوم على سفينة في باب المندب على بعد 60 ميلاً بحرياً شمال جيبوتي. وأوضحت الهيئة أن ربان السفينة أبلغ عن إصابتها بطائرة مُسيّرة، ما أدى إلى أضرار سطحية في منطقة إقامة الطاقم، إلا أن مصدراً ملاحياً في الحديدة، قال، لـ«الأخبار»، إن «هناك سفينة شحن جديدة تمّ استهدافها وليست سفينتين»، مشيراً إلى أن السفن البريطانية والأميركية التجارية توقّفت عن المرور عبر الممر الملاحي الدولي منذ مساء أول من أمس، وذلك في أعقاب اشتباك بحري خاضته القوات البحرية اليمنية مع البوارج والمدمّرات الأميركية والبريطانية، وكان الأوسع منذ بدء معركة البحر الأحمر. من جهتها، وصفت مصادر عسكرية في صنعاء، في حديث إلى «الأخبار»، ما حدث في البحر الأحمر وخليج عدن بأنه «معركة كسر الهيمنة الأميركية والبريطانية، وتأديب كل قوى الاستكبار التي تجاهلت تحذيرات قوات صنعاء»، مؤكّدة أن «القوات البحرية اليمنية تمكّنت من شلّ كل قدرات البحريتين الأميركية والبريطانية، ونفّذت نحو خمس عمليات نوعية ضد سفن بريطانية وأميركية في غضون ساعات»، معتبرة ما حدث رسالة إلى الدول التي لا تزال تتلقّى عروضاً أميركية للمشاركة في تحالف حماية الملاحة الإسرائيلية.
كما قالت مصادر سياسية مقرّبة من حركة «أنصار الله»، لـ«الأخبار»، إن «العشرات من السفن التجارية الأجنبية امتثلت لقرار صنعاء، وتواصلت مع «مركز تنسيق العمليات اليمني» الذي أُسس قبل أيام لتسهيل مرور السفن غير المحظورة. وكان رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، مهدي المشاط، وجّه الجهات المعنية ومنها القوات البحرية بالتعامل مع واشنطن ولندن وفقاً لمبدأ المواجهة بالمثل. وفي إطار هذه الإجراءات، يتوقّع مراقبون أن يتم الانتقال إلى مرحلة منع كلّ السفن المتجهة إلى الموانئ البريطانية والأميركية، لتشديد الحصار البحري على الدولتين.
قوات صنعاء نفّذت 5 عمليات نوعية ضد سفن بريطانية وأميركية في غضون ساعات
والتصعيد الأخير من قبل قوات صنعاء اتّخذ مساراً بحرياً وجوياً في آن واحد، ما أدى إلى تراجع مستوى الغارات الجوية الأميركية والبريطانية التي تصاعدت الأسبوع الماضي، في أعقاب تمكّن القوات الجوية اليمنية من إسقاط طائرة «أم كيو 9» الأميركية الحديثة بصاروخ من طراز حديث. وعلى رغم أن إسقاط هذا النوع من الطائرات، يُعد الثاني في اليمن خلال أشهر، إلا أن ما أثار استنفار البنتاغون خلال الساعات الماضية، سقوط حطام الطائرة في سواحل مدينة الحديدة، وتمكّن قوات صنعاء البحرية من انتشاله. ووفقاً لخبراء عسكريين، فإن هذا الحطام يُعد كنزاً ثميناً من شأنه الإفادة في تطوير قدرات تلك القوات، العسكرية والتقنية، في المواجهة مع واشنطن. أيضاً، تسبّب الكشف عن امتلاك «أنصار الله» غواصات مُسيّرة، بحالة قلق لدى المراقبين العسكريين الأميركيين، الذين أعربوا عن اعتقادهم بأن قوات صنعاء طوّرت هذا النوع من الأسلحة البحرية خلال السنوات الماضية، بعد أن تمكّنت من السيطرة على إحدى الغواصات المُسيّرة التي كانت تقوم بأعمال تجسسية في المياه الإقليمية اليمنية. وأكّد هؤلاء أن العمليات اليمنية الأخيرة أدّت إلى تحييد حاملة الطائرات الأميركية «آيزنهاور» عن المواجهة، علماً أنه خلال الساعات الماضية رُصد تنفيذ الطيران الأميركي والبريطاني غارتين من علوّ مرتفع في الحديدة.
وعلى غير العادة، توقّفت القيادة المركزية الأميركية عن إصدار تقاريرها اليومية، خلال اليومين الماضيين، بعد أن زعمت، خلال الأسابيع الفائتة، أن عملياتها العسكرية البحرية والجوية شلّت قدرات صنعاء العسكرية. وتحدّثت وسائل إعلام أميركية، بالتوازي مع ذلك، عن تحدّيات تواجهها البحرية التابعة لواشنطن في البحر الأحمر، ولمّحت إلى أن العمليات العسكرية التي نفّذتها قوات صنعاء هناك، تعكس مشاركة ضباط من الحرس الثوري الإيراني فيها، غير أن إيران نفت أي علاقة لها بالعمليات الأخيرة. واعترف قائد الأسطول الأميركي الخامس، براد كوبر، في حديث إلى قناة «سي إن إن» الأميركية، بصعوبة المواجهة، وقال إن البحرية الأميركية لم تشارك في قتال من هذا النوع منذ الحرب العالمية الثانية. ووفقاً للقناة، فإن البحرية الأميركية استخدمت 100 صاروخ أرض - جو، تصل تكلفة الواحد منها إلى 4 ملايين دولار، بهدف التصدي أو إسقاط طائرات «أنصار الله» المُسيّرة والتي لا يتجاوز سعر الواحدة منها بضعة آلاف من الدولارات.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية