لم تفاجئنا تصريحات المرتزقة الموالين لتحالف العدوان، وهم يهاجمون اتفاق ستوكهولم، لأننا تعودنا على ذلك منذ اليوم الأول لإعلان الاتفاق، وكل الشعب والعالم شاهد وسمع وزير خارجية «الدنبوع» السابق خالد اليماني الذي خرج بمؤتمر صحفي بعد دقائق من إعلان الاتفاق يعلن انتصار شرعيتهم المزعومة، معتبراً أن هذا الاتفاق سيسلم لهم كل شيء في الحديدة والساحل الغربي، خلافاً لبنود الاتفاق ونصوصه، لم يكن ذلك الحديث عشوائياً أو عفوياً، بل كان جزءاً من مخطط دول العدوان وبتوجيهات أمريكية للتنصل من الاتفاق وحرفه عن مساره الحقيقي.
لم يكتف تحالف العدوان ومرتزقتهم بالتنصل من اتفاق ستوكهولم، وعدم الالتزام ببنوده التي وافقوا عليها داخل قصر «يوهانسبرغ» في الريمبو، أمام عيون الأمم المتحدة، بل واجهوا كل مبادرات المجلس السياسي الأعلى بالنكران والجحود، وذهبوا صوب التصعيد والخروقات وحصار المدنيين في الدريهمي.
عام وأكثر وأهالي الدريهمي يتلقون الضربات الواحدة تلو الأخرى، في ظل حصار مطبق فرضه المرتزقة عليهم، بعد أن ظلت الحديدة عصية على التحالف بكل من فيه، وفي ظل موقف صامت ومتخاذل من كل المنظمات العالمية الحقوقية الإنسانية وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة، التي بعثتها وبالرغم من تواجدها في الحديدة تظل غائبة ولا دور لها سوى الزيارات وعقد اللقاءات والاجتماعات بالمسؤولين، دون أي تقدم أو نتائج ملموسة على أرض الواقع، حتى غريفيتث في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن أسهب في حديثه عن اتفاق ستوكهولم وإعادة الانتشار، ومندوبهم الهندي الجديد الذي وصل إلى الحديدة، دون أن يتطرق إلى معاناة المدنيين المحاصرين، كأن الأمم المتحدة تبارك هذا الحصار والقتل البطيء والعقاب الجماعي الذي يتعرض له النساء والأطفال في الدريهمي.
وعلى سبيل الوهم الذي تبيعه الأمم المتحدة للعالم والرأي العام العالمي، ادعى غريفيتث أنه وفي الوقت الذي كان يقدم فيه إحاطته أمام مجلس الأمن، كانت المساعدات والإغاثة تتوزع على أهالي الدريهمي، وفي الحقيقة لم يكن في تلك اللحظة يصل إلى الأهالي سوى القذائف العشوائية التي تخترق منازلهم وتقتل أطفالهم.
يمكن تلخيص الوضع في الحديدة بما يشبه العقاب لسكانها الأحرار الذين رفضوا أن يسمحوا للتحالف بإحداث أي اختراق في عملياته العسكرية، وكانوا جدار الصد لقوى الغزو والاحتلال، ولا أظن أن سكوت الأهالي سيطول على ما يتعرض له أبناء الدريهمي، فالوقفات الاحتجاجية والتضامنية المسلحة التي خرجت في عموم محافظات الجمهورية، ستتحول الى زحف لتحرير الدريهمي وكسر حصارها، وتربية الأوغاد الذين لم يرحموا دموع أطفالها.